فيه الرتبة، والآخر لا يعتبر فيه الرتبة. فما يعتبر فيه الرتبة يعتبر بين المخاطب والمخاطب دون ما يتعلق به الخطاب، لأن الواحد منا يقول لغلامه الق الأمير والق الحارس ويكون أمرا في الحالين، وإن كان من يتعلق به الأمر أحدهما عال الرتبة والآخر دني الرتبة، وكذلك لو اعتبر في الشفاعة الرتبة لوجب اعتبارها بين السائل والمسؤول دون من تناوله الشفاعة.
وليس لهم أيضا أن يقولوا: إنما لم يطلق ذلك لأنا لا نعلم أن سؤالنا فيه مجاب على كل حال.
وذلك أن هذا باطل بقولهم " شفاعة مقبولة " و " شفاعة مردودة "، [فيسمونها شفاعة سواء قبلت أو ردت. وأيضا وكل خطاب يعتبر فيه الرتبة] 1) لا يدخل بين الإنسان وبين نفسه كالأمر والنهي، ويصح أن يكون الإنسان شافعا لنفسه كما قال الشاعر:
* فهل لأنفس ليلى شفيعها * وإنما يدخل بين الإنسان وبين نفسه ما لا يعتبر فيه الرتبة أصلا، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله حين قال لبريرة: تصالحي زوجك وارجعي إليه.
فقالت له: أتأمرني يا رسول الله. فقال: لا وإنما أنا شافع 2). فبين أنه شافع إلى بريرة 3) وإن كانت دونه، فدل على أن الشفاعة لا يعتبر فيها الرتبة أصلا.
وأما تناولها لإسقاط المضار فلا خلاف أنها حقيقة في ذلك، ولو سلمنا أنها حقيقة في الأمرين فخصصناهما بإسقاط الضرر بقوله: أدخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي. وفي خبر آخر: أعددت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي 4).