أن لا يعود إلى مثله في القبح فإنه لا خلاف بين الأمة أن هذه التوبة يسقط العقاب عندها. وأما غيرها ففيه خلاف، لأن التوبة من القبيح لوجه القبح أو عظم المستحق عليه فيه خلاف بين الأمة، والخلاف في ذلك فرع على وجوب سقوط العقاب عندها عقلا، وقد بينا ما في ذلك.
فأما من جمع بين الإيمان والفسق فإنا لا نقطع على عقابه بل يجوز العفو عنه وأن يسقط الله عقابه تفضلا.
وإنما قلنا ذلك لأنا دللنا على حسن العفو عنه من حيث عدمنا الدليل المانع منه، وليس في السمع ما يمنع أيضا منه، لأنا سبرنا أدلة السمع أيضا فلم نجد فيها ما يمنع منه، فيجب أن يكون التجويز باقيا على ما علمناه بالعقل، ولا يلزم على ذلك الشك في عقاب الكفار، لأن السمع منع منه.
والمسلمون أجمعوا على أن الكفار معاقبون لا محالة، ومعلوم ذلك من دينه عليه السلام، فلذلك قلنا به.
وأيضا فلا خلاف بين الأمة أن للنبي عليه السلام شفاعة وأنه يشفع، والشفاعة حقيقتها في إسقاط المضار المستحقة، فوجب من ذلك القطع على جواز العفو عن مستحق العقاب من أهل الضلالة، بل على وقوع ذلك بجماعة غير معينين من حيث علمنا وقوع شفاعته وأنها حقيقة في إسقاط المضار دون زيادة المنافع.
والذي يدل على حقيقتها ما قلناه أنها لو كانت حقيقة في زيادة المنافع لكان الواحد منا إذا سأل الله تعالى أن يزيد في كمالات النبي 1) عليه السلام ورفع درجاته أن يكون شافعا فيه، وأحد من المسلمين لا يطلق ذلك لا لفظا ولا معنى.
وليس لأحد أن يقول: إنما لم يطلق ذلك لأن الشفاعة يراعى فيها الرتبة كما يراعى في الأمر والنهي، وذلك أن الخطاب على ضربين: أحدهما يعتبر