وأيضا فقد ثبت أن العقاب حق لله تعالى إليه قبضه واستيفاؤه، لا يتعلق بإسقاطه إسقاط حق لغيره منفصل منه، فوجب أن يسقط [بإسقاطه كالدين فإنه يسقط] بإسقاط صاحبه لاختصاصه بهذه الأوصاف.
وإنما قلنا " حق لله " لئلا يلزم حق عليه من الثواب والعوض.
وقلنا " إليه قبضه واستيفاؤه " لأن كل حق ليس لصاحبه قبضه ليس له إسقاطه كالطفل والمجنون لما لم يكن لهما استيفاؤه لم يكن لهما إسقاطه، والواحد منا لم يكن له استيفاء ثوابه وعوضه في الآخرة لم يسقطا بإسقاطه، فعلم بذلك أن الاسقاط تابع للاستيفاء، فمن لم يملك أحدهما لم يملك الآخر.
وقلنا " لا يتعلق بإسقاطه إسقاط حق لغيره منفصل عنه " احترازا من سقوط الدم المستحق على القبيح لقبحه بإسقاطنا، لأن هذا الذم تابع للعقاب، فلا يجوز زواله مع ثبوت العقاب، فلو سقط بإسقاطنا لسقط العقاب [وهو حق لغيرنا.
وراعينا الانفصال لأن الذم يسقط بإسقاط العقاب] 2) لأنه تابع له، فهو كالحقوق المتعلقة بالدين من الأجل والخيار وغيرهما عند سقوط الدين، ولا يسقط العقاب بإسقاط الذم، لأن العقاب ليس بتابع للذم.
على أن الذم ليس بحق خالص لنا، بل هو حق علينا، لما فيه من المصلحة في الدين ونحن متعبدون به، ولأنه يردع المفعول به عن القبيح فكأنه حق له فلم يخلص كونه حقا لنا.
فإن اختصرت ذلك فقلت العقاب حق لله إليه قبضه واستيفاؤه يتعلق باستيفائه ضرر فوجب أن يسقط بإسقاطه كالدين، ولا يلزم على ذلك الثواب والعوض