بإيمان بلا خلاف وإظهار الكفر اختيار كفر بلا خلاف.
وفي أصحابنا من أجاز أن يكفر المؤمن كفرا لا يوافي به. وهذا ليس بصحيح لأن هذا يؤدي إلى تجويز أن يكون من الكفار المرتدين من يستحق نهاية التعظيم والتبجيل بما كان أظهره من الإيمان، وذلك خلاف الإجماع. فإذا الصحيح أن المؤمن لا يكفر أصلا بل لا كفر يوافي به ولا بكفر لا يوافي به.
فأما الكافر فإنه يجوز أن يؤمن، لأن الإيمان يسقط عقاب الكفر إجماعا سواء قلنا أنه دائم أو منقطع. ولا يحتاج أن يقسم بأن يقول: الكفر الذي يوافي به يستحق عليه العقاب الدائم المنقطع، لأن مع حصول الإجماع على سقوط عقابه بالإيمان والتوبة من الكفر لا يحتاج إلى ذلك.
فإذا ثبت فقوله " إن الذين آمنوا ثم كفروا " 1) معناه إن الذين أظهروا الإيمان ثم كفروا. وجاز أن يسمى من أظهر الإيمان مؤمنا كما قال " فإن علمتموهن مؤمنات " 2) يعني من أظهر الإيمان منهن، وقوله " فتحرير رقبة مؤمنة " 3) يعني على الظاهر.
فعلى هذا من أظهر الكفر أو الفسق مختارا بلا تقية ولا أمر يحتمل التأويل قطعنا على كونه كافرا وفاسقا، وليس كذلك من أظهر الإيمان أو الطاعة، لأنه يجوز أن يكون في باطنه بخلافه.
وإذا ثبت ذلك فكل من كان مظهرا للكفر قطعنا على ثبوت عقابه وإن كان فاسقا مصرا قطعنا على ارتفاع التوبة عنه وجوزنا أن يكون الله تعالى أسقط عقابه تفضلا وإن لم نقطع به ونذمه عليه بشرط عدم العفو. ومتى غاب عنا من