وفي ذلك تعلق كل واحد منهما بصاحبه. على أن في الواجبات ما لا ترك له أصلا.
ولا يدخل الترك أيضا في فعل الله تعالى وإن كان الوجوب يدخلها. على أنه قد يعلم الواجب واجبا من لا يعلم أن له تركا قبيحا، لأنا نعلم وجوب رد الوديعة على من طولب بها ومتى لم يردها استحق الذم مع التمكن وإن لم يعلم أنه فعل تركا، وإن علمناه أنه فاعل ترك علمناه بدليل وكان يجب أن من لا يعلم أنه فعل الترك أن لا يذمه، والمعلوم خلافه.
وللترك والمتروك له شروط: منها أن يكون القادر عليها واحدا والوقت الذي يفعلان فيه واحدا، أو يكونا مفعولين بالقدرة ويكونا ضدين مبتدأين.
وذلك أن تقول حد الترك ما ابتدئ بالقدرة بدلا من ضد له يصح ابتداؤه على هذا الوجه.
فيكون قولنا " بدلا من ضده " مغنيا عن أن نشرط فيه كون الوقت واحدا لأن مع تغاير الوقت لا يوصف بالبدل، لأن الفعل الواقع في وقت لا يمنع من وقوع فعل في وقت آخر وإن تضادا، ومن شأن الترك والمتروك أن لا يدخلا 1) في الوجود.
وقولنا " ابتدئ بالقدرة " يغني عن شرط أن يكون مباشرا، لأنه لا يبتدئ بالقدرة إلا المباشر، وأغنانا عن أن نقول ما ابتدئ بالقدرة في محلها، لأن القدرة لا يبتدئ بها الفعل إلا في محلها، وأغنى ذلك عن أن نقول والمحل واحد، لأن قولنا بدل لا يصح إلا والمحل واحد والجملة واحدة، فما يتضاد على المحل فكالأكوان والألوان، وما يتضاد على الحي فكالإرادة والكراهة، لأن أحدنا لو فعل إرادة في جزء من قلبه لكانت بدلا من ضدها من الكراهة