فأما من قال الإنسان هو الروح، فليس يخلو أن يريد بالروح الحياة التي هي وغرض أو يريد به الهواء المتردد، والأول باطل من حيث أن الحياة يستحيل أن تكون حية قادرة، وإن أراد الثاني فذلك أيضا باطل، لأنه لا يصح أن تحل الحياة الهواء ولا يدرك الألم واللذة وهو على صفته، وإن أراد غيرهما فذلك غير معقول.
فأما مذهب ابن الأخشاذ 1) فإنه أيضا يبطل بمثل ما أبطلنا به مذهب النظام وكان يجب أن لا تبطل الجملة بقطع وسطها وبقطع رأسها. وإذا قال بالتقلص في قطع اليد أو الرجل فلم لا [يتقلص في قطع الرأس والوسط ولم] 2) يتقلص بقطع اليد تارة فيبقى حيا وتارة لا يتقلص فيموت، وما الموجب لذلك الفرق.
فإذا ثبت أن الحي هذه الجملة فالصفات التي تجب أن يكون عليها المكلف شيئان:
أولهما: أن يكون قادرا ليتمكن من فعل ما كلفه ولا يكون مكلفا لما لا يطيق، وقد بينا فساده.
وثانيهما: أن يكون عالما أو متمكنا من العلم به فيما يحتاج إلى العلم به من جملة ما كلفه من أحكام الأفعال أو إيقاعه على وجه مخصوص ليستحق به الثواب ولا بد من العلم به، وكذلك يستحق الثواب على ترك القبيح إذا تركه لقبحه، وذلك لا يتم إلا مع العلم بقبحه أو التمكن من العلم به بنصب الأدلة عليه يقوم مقام خلق العلم الضروري في قلبه.
ولذلك قلنا إن الكفار مكلفون للشرائع لتمكنهم من العلم بها بالنظر في معجزات الأنبياء.