وقال النظام: هو الروح، وهو الحياة الداخلة لهذه الجملة.
وقال ابن الاخشيذ: هو جسم رقيق منساب في هذه الجملة.
والذي يدل على صحة ما ذكرناه أولا أن الأحكام الراجعة إلى الحي تظهر في هذه الجملة من المدح والذم والنهي وغير ذلك.
وأيضا فإن الادراك يقع بأعضائها والتألم والتلذذ للادراك، ولو أنها هي الجهة لما وقع الادراك بأبعاضها.
وأيضا الفعل المبتدأ يظهر في أطرافنا كحركة أيدينا وأرجلنا وغير ذلك، فلا بد من إسناد ذلك إليها أو إلى ماله به تعلق معقول، فإذا أفسدنا جميع ما ادعي من وجوه التعلق لم يبق إلا ما ذكرناه.
ولا يجوز أن يكون الفاعل في هذه الجملة غيرها، لأنه لو كان كذلك لاقتضى أن يخترع الأفعال في هذه الجملة، لأن القدرة قائمة بذلك الغير على هذا القول. وهذا باطل بما يعلم ضرورة من أن أحدنا إذا تعذر عليه حمل شئ بإحدى يديه إذا استعان باليد الأخرى تأتى ذلك أو يسهل، ولا وجه لهذا الحكم المعلوم مع القول بالاختراع، وإنما يصح ذلك على قول من يقول القدر في اليد اليمنى مقدار لا يتأتى بها حمل الثقيل، فإذا انضاف إليها القدر الذي في الشمال تأتي ذلك أو سهل، وإن الفعل لا يصح إلا باستعمال محل القدرة. وبمثل ذلك يبطل قول من قال إنه جزء في القلب، لأن اليدين على هذا القول ليسا بمحلين للقدرة أصلا، لأنها تحل الجزء الذي في القلب.
وأيضا فلو كان الفعل يفعل في هذه الجملة اختراعا لم يكن بعض الجملة بذلك أولى من بعض، وكان يجب أن يصح أن يفعل فيها كلها لفقد الاختصاص المعقول.
ومما يدل أيضا على أن الفعال هذه الجملة أن الادراك يقع بكل عضو منها، فلو لم يكن في الأعضاء حياة لما أدرك بها كما لا يدرك بالشعر والظفر.