ولذلك لا يستحق بعضنا على بعض العبادة وإن استحق عليه الشكر، لأنه لا يقدر على ما هو أصول النعم ويختص الله تعالى بالقدرة على ذلك فلذلك اختص تعالى بالعبادة.
ويجب أيضا أن يكون عالما بتكامل شرائط التكليف في المكلف من أقداره وسائر ضروب التمكين.
فإذا ثبت ذلك فالوجه في حسن التكليف أنه تعريض لمنزلة عظيمة لا يمكن الوصول إليها إلا بالتكليف، والتعريض للشئ في حكم إيصاله. فعلى هذا إذا كان التكليف تعريضا للبيع للشئ يجب أن يكون نفعا، لأن من حسن منه التوصل إلى نفع حسن من الغير أن يعرضه له.
ومعنى التعريض تصيير المعرض بحيث يتمكن من الوصول إلى ما عرض له [مع إرادة المعرض للفعل الذي عرضه له] 1) وعرض للمستحق عليه أو التوصل به إليه. ألا ترى أن الإنسان إنما يكون معرضا لولده للعلم إذا مكنه من التعلم وأزاح علته فيه وأراد منه التعلم، ومتى لم يرد منه ذلك أو لم يزح علته فيه لا يكون معرضا له.
ومن شرط المعرض أن يكون عالما أو ظانا بوصول المعرض إلى ما عرضه له متى فعل ما وصله إليه. ألا ترى أن الواحد منا لو عرض ولده للتجارة وأمره بالسفر وغلب في ظنه أنه متى فعل جميع ما رسمه لا يحصل له شئ من الربح لا يكون الوالد معرضا له، فعلى هذا القديم تعالى عالم بأن المكلف متى فعل ما كلفه أنه يثيبه ويوصله إلى مستحقه.
واعتبرنا الإرادة لأن بها يختص بما عرض له دون ما لم يعرض له، والتمكين والإقدار يصلح للأمرين. ألا ترى أن من أعطى سيفا لغيره ليجاهد به إنما يكون