الدواعي إلى نيله حاصل.
ولا يلزم أن تكون البهائم مغراة بالقبح، لأن ذلك معتبر فيمن يتصور العواقب وذلك منتف عن البهائم.
وأما الفعل الذي يتناوله التكليف فلا بد أن يصح إيجاده من المكلف على الوجه الذي كلفه، لأن ذلك يمكن لا يحسن التكليف من دونه.
ومن شروطه تقوية دواعيه بفعل اللطف مما لا ينافي التكليف، ولا بد أن يكون ما تناوله التكليف مما يستحق به المدح والثواب، لأن وجه حسن التكليف إذا كان هو التعريض للثواب لم يجز أن يتناول إلا ما يستحق به الثواب، وما يستحق به الثواب هو إما واجب أو ندب فلا يخرج التكليف عنهما. والمباح لا مدخل له في ذلك، لأنه لا يستحق به مدح ولا ثواب، وإنما حسن التكليف الندب من حيث كان الندب مستهلا للواجب ومقويا له، فلا يصح أن يقتصر بالمكلف على تكليفه، لأنه تابع لا يستقل بنفسه.
فأما الكلام في صفات المكلف فإنه فرع على العلم من المكلف، لأن الكلام في صفة الذات فرع على العلم بالذات.
فإذا ثبت ذلك فالمكلف هو الحي، لأن من ليس بحي لا يحسن تكليفه.
ويسمى الحي " انسانا " وفي الملائكة والجن بأسماء أخر، والفلاسفة تسميه " نفسا ".
والحي هو هذه الجملة المشاهدة دون أبعاضها، وبها يتعلق جميع الأحكام من الأمر والنهي والمدح والذم.
وقال معمر وأبناء نوبخت وشيخنا أبو عبد الله: الحي هو غير هذه الجملة وهو ذات ليس بجوهر ولا عرض ولا حال في هذه الجملة.
وقال ابن الراوندي وهشام الفوطي: هو جوهر في القلب.
وقال الأسواري: هو ما في القلب من الروح.