الذي يدل على ذلك.
قلنا: الدليل على ذلك وجوب وقوعها بحسب دواعينا وأحوالنا وانتفائها بحسب صوارفنا وكراهتنا، فلولا أنها فعلنا لما وجب ذلك كما لا يجب ذلك في طولنا وقصرنا وخلقنا وهيأتنا، ولا تجب أيضا في أفعال غيرنا لما لم تكن متعلقة بنا.
وإنما قلنا بوجوب وقوعها بحسب دواعينا وأحوالنا لأن الواحد منا متى دعاه الداعي إلى القيام أو القعود ولا صارف له عن ذلك ولا مانع، فإنه لا بد أن يقع ما دعاه الداعي إليه، وليس كذلك ما لا تعلق له به كطوله وقصره. ولا فرق بينهما إلا أنها محدثة بنا ومتعلقة بجهتنا.
ومتى قيل إن ذلك بالعادة، كان ذلك باطلا بالوجوب الذي اعتبرناه، لأن ما يستند إلى العادة لا يجب وقوعه على كل حال. ويلزم على ذلك أن يكون انتفاء السواد بالبياض وحاجة العلم إلى الحياة وما جرى مجراه من الواجبات كله بالعادة، وذلك باطل بالاتفاق.
على أن تعلق الفعل بالفاعل لا بد أن يكون معقولا قبل إسناده إلى فاعل معين، ولا يعقل في تعلقه بالفاعل آكد من وجوب تعلقه بدواعيه وأحواله، وهذا حاصل معنى، فينبغي أن يكون كافيا في تعلقه بنا وهو في غيرنا مجوز، ولا يترك المعلوم إلى المجوز على ذلك.
ومتى قيل إن أفعالنا تحتاج إلينا في كونها كسبا دون الحدوث. قلنا ذلك باطل، لأن الذي يتجدد عند دواعينا وأحوالنا هو الحدوث لا غير دون شئ من صفاته، فينبغي أن يكون هو من جهة الحاجة دون غيره هو الذي يتجدد عند وجود الحركة كونه متحركا، وكان كونه متحركا هو المحوج إلى الحركة دون غيره والكسب الذي يدعونه غير معقول، فكيف تعلق الحاجة به ويترك الحدوث