قلنا: هذا باطل، لأن علة الحاجة إلى الرئيس ليست هي وقوع الخطأ بل هي جواز الخطأ عليهم، ولو كان العلة وقوع الخطأ لكان من لم يقع منه الخطأ لا يحتاج إلى إمام، وذلك خلاف الإجماع. ثم على ما قالوه كان يجب أن تكون الأمة إمام الإمام، وذلك خلاف الإجماع. ومع هذا فلا يجوز أن يكون الشئ يحتاج إلى غيره في وقت يحتاج ذلك الغير إليه بعينه، لأن ذلك يؤدي إلى حاجة الشئ إلى نفسه، وذلك لا يجوز.
وكل علة تدعى في الحاجة إلى الإمام من قيامه بأمر الأمة وتولية الأمراء والقضاة والجهاد وقبض الأخماس والزكوات وغير ذلك، فإن جميع ذلك تابع للشرع وكان يجوز أن يخلو التكليف العقلي من جميع ذلك مع ثبوت الحاجة إلى إمام، للعلة التي قدمناها.
فإن قيل: لو كانت علة الحاجة ارتفاع العصمة وجب أن يكون من هو معصوم لا يحتاج إلى إمام يكون لطفا له في ارتفاع القبيح من جهة وإن احتاج إليه لعلة أخرى غيرها من أخذ معالم الدين عنه وغير ذلك، كما نقوله في من هو أهل للإمامة في زمن إمام قبله أنه يجب أن يكون معصوما وله إمام، لما قلناه من العلة لا لتقليل القبيح أو ارتفاعه من جهته.
ويجب أن يكون الإمام أفضل من كل واحد من رعيته في كونه أكثر ثوابا عند الله وفي الفضل الظاهر، يدل على كونه أكثر ثوابا ما بيناه من وجوب عصمته وإذا ثبتت عصمته فكل من أوجب العصمة له قطع على كونه أكثر ثوابا، لأن أحدا لا يفرق بين المسلمين.
وأيضا فالإمام يستحق من التعظيم والتبجيل وعلو المنزلة في الدين ما لا يستحقه أحد من رعيته، وهذا الضرب من التعظيم والتبجيل لا يجوز أن تفضلا، بدلالة أنه لا يجوز فعله بالبهائم والأطفال، وإذا وجب أن يكون مستحقا دل على أنه أكثر