ويجب أن يكون منصوصا عليه، لما قدمناه من وجوب عصمته. ولما كانت العصمة لا تدرك حسا ولا مشاهدة ولا استدلالا ولا تجربة ولا يعلمها إلا الله تعالى، وجب أن ينص عليه ويبينه من غيره على لسان نبي، أن المعجز لا بد أن يظهر على يده علما معجزا عليه بينة من غيره. غير أن المعجز لا بد أن يستند إلى نص متقدم، لأن الإمام لا يعلم أنه إمام إلا ينص عليه نبي، فإذا نص عليه النبي أو ادعى هو الإمامة جاز أن يظهر الله تعالى على يده علما معجزا، كما نقوله في صاحب الزمان إذا ظهر، فصار النص هو الأصل.
فإن قيل: هلا جاز أن يكلف الله تعالى الأمة اختيار الإمام إذا علم الله تعالى أن اختيارهم لا يقع إلا على معصوم، فيحسن تكليفهم ذلك.
قلنا: لا يعتبر بالعلم في ذلك، لأن علمه تعالى بأنهم لا يختارون إلا المعصوم لا يكفي في حسن هذا التكليف، لأنه إذا لم يكن طريقا إلى الفرق بين المعصوم وغيره وكلفوا اختيار المعصوم كان في ذلك تكليف لما لا دليل عليه، وهو تكليف ما لا يطاق الذي بينا قبحه. ويلزم على ذلك اختيار الأنبياء واختيار الشرائع إذا علم الله تعالى أنه لا يقع اختيارهم إلا على نبي وعلى ما وهو مصلحة لهم، ويلزم حسن تكليف الإخبار عن الغائبات إذا علم أنهم يخبرون بالصدق، وذلك باطل.
ومن ارتكب حسن ذلك كموسى بن عمران عليه السلام، قيل له: لم لا يكلف الله تعالى اعتقاد معرفته ولم ينصب عليه دليلا إذا علم أنه يتفق لهم معرفته من غير دليل. ويلزم حسن تكليف الإخبار عن المستقبل وإن لم يتعلق بالشرائع، ومعلوم قبح ذلك ضرورة.
فإن قيل: لو نص الله تعالى على صفة وقال من كان عليها فاعلموا أنه معصوم لكان يجوز أن يكلف الاختيار لمن تلك صفته.
قلنا: يجوز ذلك إذا كان هناك طريق إلى معرفة تلك الصفة، لأن هذا نص