ثوابا لأن التعظيم ينبي عنه. فإذا ثبتت عصمته على ما قدمناه قطعنا على حصول هذه المنزلة عند الله من غير شرط، بخلاف ما شرطه في تعظيم بعضنا لبعض.
وأيضا فقد دللنا على أن الإمام حجة في الشرع، فوجب أن يكون أكثر رعيته ثوابا كالنبي صلى الله عليه وآله، فإنه إنما وجب ذلك فيه لكونه حجة في الشرع.
وأما الذي يدل على أنه يجب أن يكون أفضل في الظاهر ما نعلمه ضرورة من قبح تقديم المفضول على الفاضل. ألا ترى أنه يقبح من ملك حكيم أن يجعل رئيسا في الخط على مثل ابن مقلة ونظرائه من يكتب خطوط الصبيان والبقالين ويجعل رئيسا في الفقه على مثل أبي حنيفة والشافعي وغيرهما. والعلم بقبح ذلك ضروري لا يختلف العقلاء فيه، ولا علة لذلك إلا أنه تقديم المفضول على الفاضل فيما كان أفضل منه فيه. وإذا كان الله تعالى هو الناصب للإمام يجب أن لا ينصب إلا من هو أفضل في ظننا وعلمنا.
وإنما قلنا " إنه يجب أن يكون أفضل فيما هو إمام فيه " لأنه يجوز أن يكون في رعيته من هو أفضل منه فيما ليس هو إمام فيه ككثير من الصنائع والمهن وغير ذلك، والمعتبر كونه أفضل فيما هو إمام فيه.
وبذلك نجيب من قال: إن النبي صلى الله عليه وآله قدم عمرو بن العاص على فضلاء الصحابة وقدم زيدا على جعفر [وهو أفضل منه وقدم خالدا أيضا على جعفر] 1). وذلك أن كل هؤلاء إنما قدموا في سياسة الحرب وتدبير الجيوش وهم أفضل في ذلك ممن قدموا عليه، وإن كانوا أولئك أفضل في خصال دينية أو دنياوية، فسقط الاعتراض.
ولا يجوز تقديم المفضول على الفاضل لعلة وعارض، لأن تقديمه عليه وجه قبح، ومع حصول وجه القبح لا يحسن ذلك كما لا يحسن الظلم، وإن عرض فيه وجه من وجوه الحسن - ككونه نفعا للغير - لأن مع كونه ظلما - وهو