عبادة بن الصامت فالكلام عليه من وجهين:
أحدهما: إن هذه رواية شاذة أكثر الأمة يدفعها، وما قلناه في نزولها فيه مجمع عليه.
والثاني: أنه روي أن عبادة كان محالفا لليهود، فلما أسلم قطعت اليهود محالفته، فاشتد ذلك عليه فأنزل الله تعالى فيه الأية تسلية له وتقوية لقلبه.
ومن قال: إن الآية نزلت في أقوام كانوا في الصلاة في الركوع وأرادوهم راكعون في الحال لا أنهم آتوا الزكاة في حلال الركوع وإنما أراد أن ذلك طريقتهم وهم في الحال راكعون. فقوله باطل، لأنه ذلك يخالف العربية ووجه الكلام، لأن المفهوم من قول القائل " يستحق المدح من جاد بماله وهو ضاحك " و " فلان يغشى لإخوانه وهو راكب " معنى الحال، وكذلك لو قال " لقيت فلانا وهو يأكل " لم يعقل منه إلا لقاؤه في حال الأكل.
على أنه لو حمل على ما قالوه لكان ذلك تكرارا، لأن قوله " ويقيمون الصلاة " دخل فيه الركوع فلا معنى لتكرير قوله " وهم راكعون "، لأنه عبث.
على أن هذا القول لم يقله أحد غير الجبائي ولا ذكره أحد من أصحاب الأخبار، لأن الآية لو كانت في قوم معينين لنقل وسطر، وفي تعري الأخبار من ذلك دليل على أن ذلك لا أصل له.
فإن قيل: حمل لفظ " الذين " على الواحد مجاز، وحمل قوله " ويؤتون الزكاة " في الحال مجاز آخر لأن حقيقتها الاستقبال، فلم لا يجوز أن يحمل على مجاز واحد.
فنقول: المراد من صفتهم إيتاء الزكاة ومن صفتهم أنهم راكعون، ولا يجعل إحدى الصفتين حالا للأخرى.
قلنا: أما لفظ " الذين " وإن كان لفظ جمع فقد صار بعرف الاستعمال