كثيفة لوجب أن يرى ولو رأي لعلم أنه ليس من فعل الله، فلا يكون [فيه] دلالة.
قيل: هذا أصل فيه نزاع، ففي الناس من قال يكفي في احتمال المحل القدرة أن يكون محل الحياة فقط، ومتى حصلت بنية الحياة جاز أن يوجد في البنية القدرة العظيمة، وليس ذلك بأبعد من جواز حلول الاعتمادات بقدر ما يوازى به الجبال في الذرة، فإن استبعاد أحدهما كاستبعاد الآخر، ولذلك تقلع الريح مع تخلخلها الأجسام الثقال وتقصم الأشجار الصلبة، وقد أهلك الله تعالى الأمم بالريح. فإذا جاز ذلك في الاعتماد لم لا يجوز مثله في القدر، وإذا كان ذلك جائزا فسؤال الجن متوجه في هذه الأشياء، ولا مخلص من ذلك إلا بأن يقال: إن ذلك استفساد والله تعالى لا يمكن منه.
فأما من قال: إن القرآن جنسه ليس بمقدور كالجواهر والألوان. فقوله باطل، لأن جنس القرآن الحروف والأصوات، وذلك من مقدورنا، والكلام يكون كلاما بأن يوجد بعضها في أثر بعض، فالجنس مقدور وإنما يتعذر لفقد العلم في بعض المواضع.
فأما من قال: مجرد النظم هو المعجز. فقوله باطل، لأنا لو فرضنا وقوع مثل هذا الأسلوب - وهو في غاية السخف والركاكة - لما كان ذلك معارضة عند أحد من العقلاء. والسبق إلى الأسلوب أيضا لا يكون معجزا كما لا يكون السبق إلى نظم الشعر وقول الخطب وغير ذلك من العلوم معجزا.
ومن قال: جهة إعجازه ما تضمنه من الإخبار بالغايبات. ليس بصحيح، لأن التحدي وقع بسورة غير معينة، وأكثر السور وخاصة القصار ليس فيها أخبار بالغايبات، فلو كان ذلك مراعى لعارضوا بما ليس فيها ذلك وكانوا معارضين وذلك باطل.
ومن قال: جهة الاعجاز ارتفاع الاختلاف والتناقض. فبعيد، لأن لقائل