أن يقول: إن العاقل إذا تحفظ وتيقظ حتى لا يقع في كلامه تناقض لم يقع، فمن أين أنه خارق للعادة. ولو جعل ذلك من فضائل القرآن ومراتبه لكان جيدا.
فأما معجزاته التي هي سوى القرآن 1) كمجئ الشجرة حين قال لها أقبلي فأقبلت تخد الأرض خدا 2) ثم قال لها ارجعي فرجعت، ومثل الميضاة وأنه وضع يده في الإناء فغار الماء من بين أصابعه حتى شربوا ورووا، ومثل إطعام الخلق الكثير من الطعام اليسير، ومنها حنين الجذع الذي كان يستند إليه إذا خطب لما تحول إلى المنبر فلما جاء إليه والتزمه سكن، ومنها تسبيح الحصى في كفه وكلام الذراع وقولها له لا تأكلني فإني مسمومة، ومنها أنه لما استسقى فجاء المطر فشكوا إليه تهدم المنازل فقال حوالينا ولا علينا وأشار إلى السحاب فصار كالإكليل حول المدينة والشمس طالعة في المدينة، [ومنها انشقاق القمر وقد نطق القرآن به، ومنها شكوى البعير] 3) ومنها قوله لأمير المؤمنين عليه السلام " تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين " وقوله له " إنك تقتل ذا الثدية " وقوله لعمار " تقتلك الفئة الباغية ". وغير ذلك من الآيات الباهرات التي هي معروفة مذكورة.
وليس يمكن أن يقال: هذه الأخبار آحاد لا يعول على مثلها. لأن المسلمين تواتروها وأجمعوا على صحتها، ونحن وإن قلنا أنها لا تعلم ضرورة فهي معلومة بالاستدلال بالتواتر على ما يذهب إليه.
ولا يمكن أيضا ادعاء الحيل في ذلك، لأن كثيرا منها يستحيل ذلك فيه، كانشقاق القمر والاستسقاء وإطعام الخلق الكثير من الطعام اليسير وخروج الماء من بين أصابعه وإخباره بالغائبات ومجئ الشجرة إليه ورجوعها عنه،