وقولهم: إنه تعمل. باطل، لأنه كان يجب أن يتعملوا مثله وإنما بقي ثلاثة وعشرين سنة بينهم يتحداهم وفي ذلك تكثير يمكن التعمل.
وإذا ثبت بهذه الجملة أن القرآن معجز لم يضرنا أن لا نعلم من أي جهة كان معجزا، لأنا إذا علمناه معجزا خارقا للعادة علمنا ثبوته ولو شككنا في جهة إعجازه لم يضرنا ذلك، غير أنا نومي إلى جملة من الكلام فيه:
كان المرتضى علي بن الحسين الموسوي رحمة الله عليه يختار أن جهة إعجازه الصرفة، وهي أن الله تعالى سلب العرب العلوم التي كانت تتأتى منهم بها الفصاحة التي هي مثل القرآن متى راموا المعارضة، ولو لم يسلبهم ذلك لكان يتأتى منهم. وبذلك قال النظام وأبو إسحاق النصيبي أخيرا.
وقال قوم: جهة الاعجاز الفصاحة المفرطة التي خرقت العادة من غير اعتبار النظم. ومنهم من اعتبر النظم والأسلوب مع الفصاحة، وهو الأقوى.
قال الفريقان: إذا ثبت أنه خارق للعادة بفصاحته دل على نبوته، لأنه إن كان فعل الله فهو دال على نبوته وإن كان من فعل النبي عليه السلام لم يتمكن من ذلك إلا بعلوم فيه خارق للعادة يدل على نبوته، فإذا قال إنه من فعل الله دون فعلي قطعنا على أنه من فعل الله لثبوت صدقه.
وقال قوم: هو معجز لاختصاصه بأسلوب مخصوص ليس في شئ من كلام العرب.
وقال قوم: تأليف القرآن ونظمه مستحيل من العباد كاستحالة الجواهر والألوان.
وقال قوم: كان معجزا لما فيه من العلم بالغائبات.
وقال آخرون: كان معجزا لارتفاع الخلاف والتناقض فيه مع جريان العادة بأنه لا يخلو كلام طويل من ذلك.