غير أنا علمنا بوجوب المعرفة ووجوب الرئاسة لجميع الخلق أنهما لطفان لجميعهم، ولولا السمع لكان يجوز أن يكون في المكلفين من يختار فعل الواجب والامتناع من القبح وإن لم تجب عليه المعرفة ولا نصيب له، لكن الإجماع مانع منه ومن تعلق لطفه بفعل قبيح في مقدوره تعالى.
[والصحيح أنه لا يحسن تكليفه، لأن هذا له لطف مراحم به علته، وإنما لم يحسن أن يفعله تعالى لأمر يرجع إلى حكمه، وفي الناس من أجازه وأجراه مجرى من لا لطف له] 1)، والصحيح الأول.
ومتى تعلق لطفه بفعل قبيح من مقدور غير الله فلا يحسن تكليفه أيضا، لأنه لا يحسن تكليف الغير ذلك الفعل لقبحه.
وأما الأصلح في باب الدنيا فهو الأنفع إلا الذي لا يتعلق به لطف فإنه لا يجب على الله تعالى، لأنه لو وجب ذلك لأدى إلى وجوب ما لا يتناهى وذلك محال. أو إلى أن لا ينفك القديم تعالى من الاخلال بالواجب وذلك فاسد.
وإنما قلنا ذلك لأن النفع اللذة وهو تعالى يقدر من جنسهما على ما لا يتناهى فلو كان ذلك واجبا لأدى إلى ما قلناه، ولو قلنا هربا من ذلك أنه لا يقدر إلا على متناه أدى إلى القول بتناهي مقدورات الله، وذلك كفر.
ولا يلزم على ذلك أن يكون اللطف في باب الدين مثل ذلك، لأن اللطف في باب الدين بحسب المعلوم، وليس يجب أن يكون المقدور منه ما لا نهاية له. ولو فرضنا ذلك لقبح المكلف وإن كان ذلك بعيدا. وليس كذلك اللذة والنفع، لأنه يرجع إلى جنس المقدور فيجب أن يكون قادرا منه على ما لا نهاية له.
ويدل أيضا على أن الأصلح في باب الدنيا غير واجب أنه لو كان واجبا