فإذا ثبت وجوب انقطاع التكليف فليس الوقت وقت انقطاعه بزمان بعينه بل نوجبه على سبيل الجملة. ولا يمتنع أن يحسن الشئ أو يقبح على طريق الجملة.
ولا يعلم عقلا انقطاع التكليف عن جميع المكلفين بل إنما يعلم ذلك سمعا والاجماع حاصل على ذلك.
وكان يجوز عقلا انقطاع التكليف عن بعضهم وبقاؤه على بعض، لكن الإجماع مانع منه.
ومتى حصل انقطاع التكليف بفعل غير الله فقد حصل الغرض، ومتى لم يحصل فإنه تعالى يزيله.
ويجوز انقطاع التكليف بإزالة العقل أو الموت أو الفناء، وأما فناء الجواهر فليس في العقل ما يدل على جوازه ولا على إحالته، والمرجع في ذلك إلى السمع، فإذا علم بالسمع أنه تفنى الجواهر ثم علمنا أن الباقي لا ينتفي إلا بضد يطرأ عليه علمنا أن الفناء (مغني يغنى)؟ الجواهر. وما يسأل على ذلك من الشبهات فقد بينا الجواب عنه في شرح الجمل.
والطريق الذي به يعلم فناء الجواهر هو السمع، وقد أجمعوا على أن الله تعالى يفني الأجسام والجواهر ويعيدها، فلا نعتد بخلاف من خالف فيه.
ويدل عليه أيضا قوله " هو الأول والآخر " 1) فكما أنه كان أولا ولا شئ معه موجود فكذلك يجب أن يكون آخرا ولا شئ معه موجود. وقد استدل بغير ذلك من الآيات عليها اعتراضات والمعتمد ما ذكرناه.
وإذا ثبت أن الجواهر تفنى فالله تعالى يعيدها إجماعا. وأيضا فلو لم يعدها لما أمكن إيصال المستحق إليها من الثواب، وقد علمنا وجوب ذلك، فإذا لا بد من إعادتها.