تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٠٣
والقول الثاني: في تفسير الآية أن هذا ليس ابتداء كلام بل هو متعلق بما قبله، والمعنى أن الطلاق الرجعي مرتان، ولا رجعة بعد الثلاث، وهذا التفسير هو قول من جوز الجمع بين الثلاث، وهو مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه.
حجة القائلين بالقول الأول: أن لفظ الطلاق يفيد الاستغراق، لأن الألف واللام إذا لم يكونا للمعهود أفادا الاستغراق، فصار تقدير الآية: كل الطلاق مرتان، ومرة ثالثة، ولو قال هكذا لأفاد أن الطلاق المشروع متفرق، لأن المرات لا تكون إلا بعد تفرق بالإجماع.
فإن قيل: هذه الآية وردت لبيان الطلاق المسنون، وعندي الجمع مباح لا مسنون.
قلنا: ليس في الآية بيان صفة السنة، بل كان تفسير الأصل الطلاق، ثم قال هذا الكلام وإن كان لفظه لفظ الخبر، إلا أن معناه هو الأمر، أي طلقوا مرتين يعني دفعتين، وإنما وقع العدول عن لفظ الأمر إلى لفظ الخبر لما ذكرنا فيما تقدم أن التعبير عن الأمر بلفظ الخبر يفيد تأكيد معنى الأمر، فثبت أن هذه الآية دالة على الأمر بتفريق الطلقات، وعلى التشديد في ذلك الأمر والمبالغة فيه، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا على قولين الأول: وهو اختيار كثير من علماء الدين، أنه لو طلقها اثنين أو ثلاثا لا يقع إلا الواحدة، وهذا القول هو الأقيس، لأن النهي يدل على اشتمال المنهي عنه على مفسدة راجحة، والقول بالوقوع سعى في إدخال تلك المفسدة في الوجود وأنه غير جائز، فوجب أن يحكم بعدم الوقوع.
والقول الثاني: وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه: أنه وإن كان محرما إلا أنه يقع، وهذا منه بناء على أن النهي لا يدل على الفساد.
القول الثالث: في تفسير هذه الآية أن نقول: أنها ليست كلاما مبتدأ، بل هي متعلقة بما قبلها، وذلك لأنه تعالى بين في الآية الأولى أن حق المراجعة ثابت للزوج ولم يذكر أن ذلك الحق ثابت دائما أو إلى غاية معينة، فكان ذلك كالمجمل المفتقر إلى المبين، أو كالعام المفتقر إلى المخصص فبين في هذه الآية أن ذلك الطلاق الذي ثبت فيه للزوج حق الرجعة، هو أن يوجد طلقتان فقط وأما بعد الطلقتين فلا يثبت البتة حق الرجعة بالألف واللام في قوله: الطلاق للمعهود السابق، يعني ذلك الطلاق الذي حكمنا فيه بثبوت الرجعة هو أن يوجد مرتين، فهذا تفسير حسن مطابق لنظم الآية والذي يدل على أن هذا التفسير أولى لوجوه الأول: أن قوله: * (وبعولتهن أحق بردهن) * (البقرة: 228) إن كان لكل الأحوال فهو مفتقر إلى المخصص، وإن لم يكن عاما فهو مجمل، لأنه ليس فيه بيان الشرط الذي عنده يثبت حق الرجعة، فيكون مفتقرا إلى البيان، فإذا جعلنا الآية الثانية متعلقة
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220