تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٣٥
القتال في الشهر الحرام كفرا بالله، وهو خطأ بالإجماع، وطعنوا في الوجه الثاني بأنه لما قال بعد ذلك: * (وإخراج أهله منه أكبر) * أي أكبر من كل ما تقدم فيلزم أن يكون إخراج أهل المسجد من المسجد أكبر عند الله من الكفر، وهو خطأ بالإجماع.
وأقول: للفراء أن يجيب عن الأول بأنه من الذي أخبركم بأنه ما وقع السؤال عن القتال في المسجد الحرام، بل الظاهر أنه وقع لأن القوم كانوا مستعظمين للقتال في الشهر الحرام وفي البلد الحرام وكان أحدهما كالآخر في القبح عند القوم، فالظاهر أنهم جمعوهما في السؤال، وقولهم على الوجه الأول يلزم أن يكون القتال في الشهر الحرام كفرا.
قلنا: يلزم أن يكون قتال في الشهر الحرام كفرا ونحن نقول به، لأن النكرة في الإثبات لا تفيد العموم، وعندنا أن قتالا واحدا في المسجد الحرام كفر، ولا يلزم أن كل قتال كذلك، وقولهم على الوجه الثاني يلزم أن يكون إخراج أهل المسجد منه أكبر من الكفر، قلنا: المراد من أهل المسجد هم الرسول عليه السلام والصحابة، وإخراج الرسول من المسجد على سبيل الإذلال لا شك أنه كفر وهو مع كونه كفرا فهو ظلم لأنه إيذاء للإنسان من غير جرم سابق وعرض لاحق ولا شك أن الشيء الذي يكون ظلما وكفرا، أكبر وأقبح عند الله مما يكون كفرا وحده، فهذا جملة القول في تقرير قول الفراء.
القول الثالث: في الآية قوله: * (قل قتال فيه كبير وصد عن سبل الله وكفر به) * وجهه ظاهر، وهو أن قتالا فيه موصوف بهذه الصفات، وأما الخفض في قوله: * (والمسجد الحرام) * فهو واو القسم إلا أن الجمهور ما أقاموا لهذا القول وزنا.
المسألة الثانية: أما الصد عن سبيل الله ففيه وجوه أحدها: أنه صد عن الإيمان بالله وبمحمد عليه السلام وثانيها: صد للمسلمين من أن يهاجروا إلى الرسول عليه السلام وثالثها: صد المسلمين عام الحديبية عن عمرة البيت، ولقائل أن يقول: الرواية دلت على أن هذه الآية نزلت قبل غزوة بدر في قصة عبد الله بن جحش، وقصة الحديبية كانت بعد غزوة بدر بمدة طويلة، ويمكن أن يجاب عنه بأن ما كان في معلوم الله تعالى كان كالواقع، وأما الكفر بالله فهو الكفر بكونه مرسلا للرسل، مستحقا للعبادة، قادرا على البعث، وأما قوله: * (والمسجد الحرام) * فإن عطفناه على الضمير في * (به) * كان المعنى: وكفر بالمسجد الحرام، ومعنى الكفر بالمسجد الحرام هو منع الناس عن الصلاة فيه والطواف به، فقد كفروا بما هو السبب في فضيلته التي بها يتميز عن سائر البقاع، ومن قال: إنه معطوف على سبيل الله كان المعنى: وصد عن المسجد الحرام، وذلك لأنهم
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220