عطف على * (سبيل الله) * قالوا: وهو متأكد بقوله تعالى: * (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام) * (الحج: 25).
واعترضوا على الوجه الأول بأنه لا يجوز العطف على الضمير، فإنه لا يقال: مررت به وعمرو، وعلى الثاني بأن على هذا الوجه يكون تقدير الآية: صد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام، فقوله: * (عن المسجد الحرام) * (المائدة: 2) صلة للصد، والصلة والموصول في حكم الشيء الواحد، فإيقاع الأجنبي بينهما لا يكون جائزا.
أجيب عن الأول: لم لا يجوز إضمار حرف الجر فيه حتى يكون التقدير: وكفر به وبالمسجد الحرام، والإضمار في كلام الله ليس بغريب، ثم يتأكد هذا بقراءة حمزة * (تساءلون به والأرحام) * (النساء: 1) على سبيل الخفض ولو أن حمزة روى هذه اللغة لكان مقبولا بالاتفاق، فإذا قرأ به في كتاب الله تعالى كان أولى أن يكون مقبولا، وأما الأكثرون الذين اختاروا القول الثاني قالوا: لا شك أنه يقتضي وقوع الأجنبي بين الصلة والموصول، والأصل أنه لا يجوز إلا أنا تحملناه ههنا لوجهين الأول: أن الصد عن سبيل الله والكفر به كالشئ الواحد في المعنى، فكأنه لا فصل الثاني: أن موضع قوله: * (وكفر به) * عقيب قوله: * (والمسجد الحرام) * إلا أنه قدم عليه لفرط العناية، كقوله تعالى: * (ولم يكن له كفوا أحدا) * كان من حق الكلام أن يقال: ولم يكن له أحد كفوا إلا أن فرط العناية أوجب تقديمه فكذا ههنا.
الوجه الثاني: في هذه الآية، وهو اختيار الفراء وأبي مسلم الأصفهاني أن قوله تعالى: * (والمسجد الحرام) * عطف بالواو على الشهر الحرام، والتقدير: يسألونك عن قتال في الشهر الحرام والمسجد الحرام، ثم بعد هذا طريقان أحدهما: أن قوله: * (قتال فيه) * مبتدأ، وقوله: * (كبير وصد عن سبيل الله وكفر به) * خبر بعد خبر، والتقدير: إن قتلا فيه محكوم عليه بأنه كبير وبأنه صد عن سبيل الله، وبأنه كفر بالله.
والطريق الثاني: أن يكون قوله: * (قتال فيه كبير) * جملة مبتدأ وخبر، وأما قوله: * (وصد عن سبيل الله) * فهو مرفوع بالابتداء، وكذا قوله: * (وكفر به) * والخبر محذوف لدلالة ما تقدم عليه، والتقدير: قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله كبير وكفر به كبير، ونظيره قولك: زيد منطلق وعمرو، تقديره: وعمرو منطلق، طعن البصريون في هذا الجواب فقالوا: أما قولكم تقدير الآية: يسألونك عن قتال في المسجد الحرام فهو ضعيف لأن السؤال كان واقعا عن القتال في الشهر الحرام لا عن القتال في المسجد الحرام، وطعنوا في الوجه الأول بأنه يقتضي أن يكون