الحجة السابعة: روى أبو داود عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة، قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر، قال الخطابي: المفتر كل شراب يورث الفتور والخدر في الأعضاء، وهذا لا شك أنه متناول لجميع أنواع الأشربة، فهذه الأحاديث كلها دالة على أن كل مسكر فهو خمر، وهو حرام.
النوع الثاني: من الدلائل على أن كل مسكر خمر التمسك بالاشتقاقات، قال أهل اللغة: أصل هذا الحرف التغطية، سمي الخمار خمارا لأنه يغطي رأس المرأة، والخمر ما واراك من شجر وغيره، من وهدة وأكمة، وخمرت رأس الإناء أي غطيته، والخامر هو الذي يكتم شهادته، قال ابن الأنباري: سميت خمرا لأنها تخامر العقل، أي تخالطه، يقال: خامره الداء إذا خالطه، وأنشد لكثير: هنيئا مريئا غير داء مخامر ويقال خامر السقام كبده، وهذا الذي ذكره راجع إلى الأول، لأن الشيء إذا خالط الشيء صار بمنزلة الساتر له، فهذه الاشتقاقات دالة على أن الخمر ما يكون ساترا للعقل، كما سميت مسكرا لأنها تسكر العقل أي تحجزه، وكأنها سميت بالمصدر من خمره خمرا إذا ستره للمبالغة، ويرجع حاصله إلى أن الخمر هو السكر، لأن السكر يغطي العقل، ويمنع من وصول نوره إلى الأعضاء، فهذه الاشتقاقات من أقوى الدلائل على أن مسمى الخمر هو المسكر، فكيف إذا انضافت الأحاديث الكثيرة إليه لا يقال هذا إثبات للغة بالقياس، وهو غير جائز، لأنا نقول: ليس هذا إثباتا للغة بالقياس، بل هو تعيين المسمى بواسطة هذه الاشتقاقات، كما أن أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله يقولون إن مسمى النكاح هو الوطء ويثبتونه بالاشتقاقات، ومسمى الصوم هو الإمساك، ويثبتونه بالاشتقاقات.
النوع الثالث: من الدلائل الدالة على أن الخمر هو المسكر، أن الأمة مجمعة على أن الآيات الواردة في الخمر ثلاثة واثنان منها وردا بلفظ الخمر أحدهما: هذه الآية والثانية: آية المائدة والثالثة: وردت في السكر وهو قوله: * (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) * (النساء: 43) وهذا يدل على أن المراد من الخمر هو المسكر.
النوع الرابع: من الحجة أن سبب تحريم الخمر هو أن عمر ومعاذا قالا: يا رسول الله إن الخمر مسلبة للعقل، مذهبة للمال، فبين لنا فيه، فهما إنما طلبا الفتوى من الله ورسوله بسبب كون الخمر مذهبة للعقل، فوجب أن يكون كل ما كان مساويا للخمر في هذا المعنى إما أن يكون خمرا