تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٨٥
ملكا عليهم، قال المفسرون: وسبب هذا الاستبعاد أن النبوة كانت مخصوصة بسبط معين من أسباط بني إسرائيل، وهو سبط لاوي بن يعقوب، ومنه موسى وهارون، وسبط المملكة، سبط يهوذا، ومنه داود وسليمان، وأن طالوت ما كان من أحد هذين السبطين، بل كان من ولد بنيامين فلهذا السبب أنكروا كونه ملكا لهم، وزعموا أنهم أحق بالملك منه، ثم أنهم أكدوا هذه الشبهة بشبهة أخرى، وهي قولهم: ولم يؤت سعة من المال، وذلك إشارة إلى أنه فقير، واختلفوا فقال وهب، كان دباغا، وقال السدي: كان مكاريا، وقال آخرون، كان سقاء.
فإن قيل: ما الفرق بين الواوين في قوله: * (ونحن أحق) * وفي قوله: * (ولم يؤت) *.
قلنا: الأولى للحال، والثانية لعطف الجملة على الجملة الواقعة حالا، والمعنى: كيف يتملك علينا والحال أنه لا يستحق التملك لوجود من هو أحق بالملك، وأنه فقير ولا بد للملك من مال يعتضد به، ثم إنه تعالى أجاب عن شبههم بوجوه الأول: قوله: * (إن الله اصطفاه عليكم) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: معنى الآية أنه تعالى خصه بالملك والإمرة.
واعلم أن القوم لما كانوا مقرين بنبوة ذلك النبي، كان إخباره عن الله تعالى أنه جعل طالوت ملكا عليهم حجة قاطعة في ثبوت الملك له لأن تجويز الكذب على الأنبياء عليهم السلام يقتضي رفع الوثوق بقولهم وذلك يقدح في ثبوت نبوتهم ورسالتهم، وإذا ثبت صدق المخبر ثبت أن الله تعالى خصه بالملك، وإذا ثبت ذلك كان ملكا واجب الطاعة وكانت الاعتراضات ساقطة.
المسألة الثانية: قوله: * (اصطفاه) * أي أخذ الملك من غيره صافيا له، واصطفاه، واستصفاه بمعنى الاستخلاص، وهو أن يأخذ الشيء خالصا لنفسه، وقال الزجاج: إنه مأخوذ من الصفوة، والأصل فيه اصتفى بالتاء فأبدلت التاء طاء ليسهل النطق بها بعد الصاد، وكيفما كان الاشتقاق فالمراد ما ذكرناه أنه تعالى خصه بالملك والإمرة، وعلى هذا الوجه وصف تعالى نفسه بأنه اصطفى الرسل ووصفهم بأنهم: المصطفون الأخيار ووصف الرسول بأنه المصطفى.
المسألة الثالثة: هذه الآية تدل على بطلان قول من يقول: إن الإمامة موروثة، وذلك لأن بني إسرائيل أنكروا أن يكون ملكهم من لا يكون من بيت المملكة، فأعلمهم الله تعالى أن هذا ساقط، والمستحق لذلك من خصه الله تعالى بذلك وهو نظير قوله: * (تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) * (آل عمران: 26).
الوجه الثاني: في الجواب عن هذه الشبهة قوله تعالى: * (وزاده بسطة في العلم والجسم) * وتقرير
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220