تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٨٣
أبو عبيدة في هذه القراءة فقال لو جاز ذلك لجاز * (عسى ربكم) * أجاب أصحاب نافع عنه من وجهين الأول: أن الياء إذا سكنت وانفتح ما قبلها حصل في التلفظ بها نوع كلفة ومشقة، وليست الياء من * (عسى) * كذلك، لأنها وإن كانت في الكتابة ياء إلا أنها في اللفظ مدة، وهي خفيفة فلا تحتاج إلى خفة أخرى.
والجواب الثاني: هب أن القياس يقتضي جواز * (عسى ربكم) * إلا أنا ذكرنا أنهما لغتان، فله أن يأخذ باللغتين فيستعمل إحداهما في موضع والأخرى في موضع آخر.
المسألة الثانية: خبر * (هل عسيتم) * وهو قوله: * (أن لا تقاتلوا) * والشرط فاصل بينهما، والمعنى هل قاربتم أن تقاتلوا بمعنى أتوقع جبنكم عن القتال فأدخل * (هل) * مستفهما عما هو متوقع عنده ومظنون، وأراد بالاستفهام التقرير، وثبت أن المتوقع كائن له، وأنه صائب في توقعه كقوله تعالى: * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) * معناه التقرير، ثم إنه تعالى ذكر أن القوم قالوا: * (وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله) * وهذا يدل على ضمان قوي خصوصا واتبعوا ذلك بعلة قوية توجب التشدد في ذلك، وهو قولهم: * (وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) * لأن من بلغ منه العدو هذا المبلغ فالظاهر من أمره الاجتهاد في قمع عدوه ومقاتلته.
فإن قيل: المشهور إنه يقال: مالك تفعل كذا؟ ولا يقال: مالك أن تفعل كذا؟ قال تعالى: * (مالكم لا ترجون لله وقارا) * (نوح: 13) وقال: * (وما لكم لا تؤمنون بالله) * (الحديد: 8).
والجواب من وجهين: الأول: وهو قول المبرد: أن * (ما) * في هذه الآية جحد لا استفهام كأنه قال: ما لنا نترك القتال، وعلى هذا الطريق يزول السؤال.
الوجه الثاني: أن نسلم أن * (ما) * ههنا بمعنى الاستفهام، ثم على هذا القول وجوه الأول: قال الأخفش: أن ههنا زائدة، والمعنى: ما لنا لا نقاتل وهذا ضعيف، لأن القول بثبوت الزيادة في كلام الله خلاف الأصل الثاني: قال الفراء: الكلام ههنا محمول على المعنى، لأن قولك: مالك لا تقاتل معناه ما يمنعك أن تقاتل؟ فلما ذهب إلى معنى المنع حسن إدخال أن فيه قال تعالى: * (ما منعك أن تسجد) * (ص: 75) وقال: * (مالك أن لا تكون مع الساجدين) * (الحجر: 32) الثالث: قال الكسائي: معنى * (وما لنا أن لا نقاتل) * أي شيء لنا في ترك القتال؟ ثم سقطت كلمة * (في) * ورجح أبو علي الفارسي، قول الكسائي على قول الفراء، قال: وذلك لأن على قول الفراء لا بد من إضمار حرف الجر، والتقدير: ما يمنعنا من أن نقاتل، إذا كان لا بد من إضمار حرف الجر على القولين، ثم على قول الكسائي يبقى اللفظ مع هذا الإضمار على ظاهره، وعلى قول الفراء لا يبقى، فكان قول الكسائي
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220