به الحرام، لأن مع الشبهة يقع الاختلاط، ومع الاختلاط ربما قبح الفعل وثانيها: أن لا يتبع ذلك الإنفاق منا ولا أذى وثالثها: أن يفعله على نية التقرب إلى الله تعالى، لأن ما يفعل رياء وسمعة لا يستحق به الثواب.
أما قوله تعالى: * (فيضاعفه له) * ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: في قوله: * (فيضاعفه) * أربع قراءات أحدها: قرأ أبو عمرو ونافع وحمزة والكسائي * (فيضاعفه) * بالألف والرفع والثاني: قرأ عاصم * (فيضاعفه) * بألف والنصب والثالث: قرأ ابن كثير * (فيضعفه) * بالتشديد والرفع بلا ألف والرابع: قرأ ابن عامر * (فيضعفه) * بالتشديد والنصب.
فنقول: أما التشديد والتخفيف فهما لغتان، ووجه الرفع العطف على يقرض، ووجه النصب أن يحمل الكلام على المعنى لا على اللفظ لأن المعنى يكون قرضا فيضاعفه، والاختيار الرفع لأن فيه معنى الجزاء، وجواب الجزاء بالفاء لا يكون إلا رفعا.
المسألة الثانية: التضعيف والإضعاف والمضاعفة واحد وهو الزيادة على أصل الشيء حتى يبلغ مثلين أو أكثر، وفي الآية حذف، والتقدير: فيضاعف ثوابه.
أما قوله تعالى: * (أضعافا كثيرة) * فمنهم من ذكر فيه قدرا معينا، وأجود ما يقال فيه: إنه القدر المذكور في قوله تعالى: * (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل) * (البقرة: 261) فيقال يحمل المجمل على المفسر لأن كلتا الآيتين وردتا في الإنفاق، ويمكن أن يجاب عنه بأنه تعالى لم يقتصر في هذه الآية على التحديد، بل قال بعده: * (والله يضاعف لمن يشاء) * (البقرة: 261).
والقول الثاني: وهو الأصح واختيار السدي: أن هذا التضعيف لا يعلم أحد ما هو وكم هو؟ وإنما أبهم تعالى ذلك لأن ذكر المبهم في باب الترغيب أقوى من ذكر المحدود.
أما قوله تعالى: * (والله يقبض ويبسط) * ففي بيان أن هذا كيف يناسب ما تقدم وجوه أحدها: أن المعنى أنه تعالى لما كان هو القابض الباسط، فإن كان تقدير هذا الذي أمر بإنفاق المال الفقر فلينفق المال في سبيل الله، فإنه سواء أنفق أو لم ينفق فليس له إلا الفقر، وإن كان تقديره الغنى فلينفق فإنه سواء أنفق أو لم ينفق فليس له إلا الغنى والسعة وبسط اليد، فعلى كلا التقديرين يكون إنفاق المال في سبيل الله أولى وثانيها: أن الإنسان إذا علم أن القبض والبسط بالله انقطع نظره عن مال الدنيا، وبقي اعتماده على الله، فحينئذ يسهل عليه إنفاق المال في سبيل مرضاة الله تعالى وثالثها: أنه تعالى يوسع عن عباده ويقتر، فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم، لئلا يبدل