تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٨٦
هذا الجواب أنهم طعنوا في استحقاقه للملك بأمرين أحدهما: أنه ليس من أهل بيت الملك الثاني: أنه فقير، والله تعالى بين أنه أهل للملك وقرر ذلك بأنه حصل له وصفان أحدهما: العلم والثاني: القدرة، وهذان الوصفان أشد مناسبة لاستحقاقه الملك من الوصفين الأولين وبيانه من وجوه أحدها: أن العلم والقدرة من باب الكمالات الحقيقية، والمال والجاه ليسا كذلك والثاني: أن العلم والقدرة من الكمالات الحاصلة لجوهر نفس الإنسان والمال والجاه أمران منفصلان عن ذات الإنسان الثالث: أن العلم والقدرة لا يمكن سلبهما عن الإنسان، والمال والجاه يمكن سلبهما عن الإنسان والرابع: أن العلم بأمر الحروب، والقوي الشديد على المحاربة يكون الانتفاع به في حفظ مصلحة البلد، وفي دفع شر الأعداء أتم من الانتفاع بالرجل النسيب الغني إذا لم يكن له علم بضبط المصالح، وقدرة على دفع الأعداء، فثبت بما ذكرنا أن إسناد الملك إلى العالم القادر، أولى من إسناده إلى النسيب الغني ثم ههنا مسائل:
المسألة الأولى: احتج أصحابنا في مسألة خلق الأعمال بقوله: * (وزاده بسطة في العلم والجسم) * وهذا يدل على أن العلوم الحاصلة للخلق، إنما حصلت بتخليق الله تعالى وإيجاده، وقالت المعتزلة هذه الإضافة إنما كانت لأنه تعالى هو الذي يعطي العقل ونصب الدلائل، وأجاب الأصحاب بأن الأصل في الإضافة المباشرة دون التسبب.
المسألة الثانية: قال بعضهم: المراد بالبسطة في الجسم طول القامة، وكان يفوق الناس برأسه ومنكبه، وإنما سمي طالوت لطوله، وقيل المراد من البسطة في الجسم الجمال، وكان أجمل بني إسرائيل وقيل: المراد القوة، وهذا القول عندي أصح لأن المنتفع به في دفع الأعداء هو القوة والشدة، لا الطول والجمال.
المسألة الثالثة: أنه تعالى قدم البسطة في العلم، على البسطة في الجسم، وهذا منه تعالى تنبيه على أن الفضائل النفسانية أعلى وأشرف وأكمل من الفضائل الجسمانية.
الوجه الثالث: في الجواب عن الشبهة قوله تعالى: * (والله يؤتي ملكه من يشاء) * وتقريره أن الملك لله والعبيد لله فهو سبحانه يؤتي ملكه من يشاء ولا اعتراض لأحد عليه في فعله، لأن المالك إذا تصرف في ملكه فلا اعتراض لأحد عليه في فعله.
الوجه الرابع: في الجواب قوله تعالى: * (والله واسع عليم) * وفيه ثلاثة أقوال أحدها: أنه تعالى واسع الفضل والرزق والرحمة، وسعت رحمته كل شيء، والتقدير: أنتم طعنتم في طالوت بكونه فقيرا، والله تعالى واسع الفضل والرحمة، فإذا فوض الملك إليه، فإن علم أن الملك لا يتمشى
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220