وكان السبب الذي من أجله حلت عقوبة الله تعالى بأصحاب الفيل، مسير أبرهة الحبشي بجنده معه الفيل، إلى بيت الله الحرام لتخريبه. وكان الذي دعاه إلى ذلك فيما:
29405 - حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: ثنا ابن إسحاق، أن أبرهة بنى كنيسة بصنعاء، وكان نصرانيا، فسماها القليس لم ير مثلها في زمانها بشئ من الأرض وكتب إلى النجاشي ملك الحبشة: إن قد بنيت لك أيها الملك كنيسة، لم يبن مثلها لملك كان قبلك، ولست بمنته حتى أصرف إليها حاج العرب. فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك للنجاشي، غضب رجل من النسأة أحد بن فقيم، ثم أحد بني ملك، فخرج حتى أتى القليس، فقعد فيها، ثم خرج فلحق بأرضه، فأخبر أبرهة بذلك، فقال:
من صنع هذا؟ فقيل: صنعه رجل من أهل هذا البيت، الذي تحج العرب إليه بمكة، لما سمع من قولك: أصرف إليه حاج العرب، فغضب، فجاء فقعد فيها، أي أنها ليست لذلك بأهل فغضب عند ذلك أبرهة، وحلف ليسيرن إلى البيت فيهدمه، وعند أبرهة رجال من العرب قد قدموا عليه يلتمسون فضله، منهم محمد بن خزاعي بن حزابة الذكواني، ثم السلمي، في نفر من قومه، معه أخ له يقال له قيس بن خزاعي فبينما هم عنده، غشيهم عبد لأبرهة، فبعث إليهم فيه بغذائه، وكان يأكل الخصي فلما أتى القوم بغذائه، قالوا:
والله لئن أكلنا هذا لا تزال تسبنا به العرب ما بقينا، فقام محمد بن خزاعي، فجاء أبرهة فقال: أيها الملك، إن هذا يوم عيد لنا، لا نأكل فيه إلا الجنوب والأيدي، فقال له أبرهة:
فسنبعث إليكم ما أحببتم، فإنما أكرمتكم بغذائي، لمنزلتكم عندي.