وقوله: إنهم كانوا لا يرجون حسابا يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء الكفار كانوا في الدنيا لا يخافون محاسبة الله إياهم في الآخرة على نعمه عليهم، وإحسانه إليهم، وسوء شكرهم له على ذلك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27963 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
لا يرجون حسابا قال: لا يبالون فيصدقون بالغيب.
27964 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنهم كانوا لا يرجون حسابا أي لا يخافون حسابا.
27965 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
إنهم كانوا لا يرجون حسابا قال: لا يؤمنون بالبعث ولا بالحساب، وكيف يرجو الحساب من لا يوقن أنه يحيا، ولا يوقن بالبعث وقرأ قول الله: بل قالوا مثل ما قال الأولون قالوا أئذا متنا وكنا ترابا... إلى قوله أساطير الأولين، وقرأ: هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق... إلى قوله جديد فقال بعضهم لبعض: ماله أفترى على الله كذبا أم به جنة الرجل مجنون حين يخبرنا بهذا.
وقوله: وكذبوا بآياتنا كذابا يقول تعالى ذكره: وكذب هؤلاء الكفار بحججنا وأدلتنا تكذيبا. وقيل: كذابا، ولم يقل تكذيبا، تصديرا على فعله.
وكان بعض نحويي البصرة يقول: قيل ذلك لان فعل منه على أربعة، فأراد أن يجعله مثل باب أفعلت، ومصدر أفعلت إفعالا، فقال: كذابا، فجعله على عدد مصدره، قال:
وعلى هذا القياس تقول: قاتل قتالا، قال: وهو من كلام العرب. وقال بعض نحويي الكوفة: هذه لغة يمانية فصيحة، يقولون: كذبت به كذابا، وخرقت القميص خراقا، وكل فعلت، فمصدرها فعال بلغتهم مشددة. قال: وقال لي أعرابي مرة على المروة يستفتيني:
ألحلق أحب إليك أم القصار؟ قال: وأنشدني بعض بني كلاب: