أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) إلى قوله تعالى: ﴿قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين﴾ (١).
ويلاحظ في هذا المقطع:
اولا: انه جاء في سياق دعوة عامة لأهل الكتاب إلى الايمان بالرسول الجديد، مع إيضاح حقيقة رسالته، ومناقشة ما يقوله اليهود والنصارى وإقامة الحجة عليهم بذلك، إذ يختم هذا السياق بقوله تعالى:
﴿يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير، فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير﴾ (2).
ثانيا: إن المقطع يكتفي بأن يذكر دعوة موسى لقومه إلى دخول الأرض المقدسة حيث كان دخولها منتهى آمالهم، ولكنهم يأبون ذلك فيكون مصيرهم التيه أربعين سنة.
وعلى أساس هاتين الملاحظتين يمكن أن نستنتج: أن القرآن الكريم يبدو وكأنه يريد أن يذكر أهل الكتاب ويفتح الطريق أمامهم ليحققوا أهدافهم الصحيحة من وراء الدين والشريعة بدخولهم دعوة الاسلام، ولا يكون موقفهم كموقف قوم موسى حين دعاهم إلى دخول الأرض المقدسة، مع أنها أمنيتهم وهدفهم، فتفوتهم الفرصة السانحة ويصيبهم التيه الفكري والعقائدي والاجتماعي في عصر نزول الرسالة، كما أصابهم التيه السياسي والاجتماعي من قبل.
ومن هنا نعرف السر الذي كان وراء اكتفاء القرآن الكريم بذكر هذا الموقف الخاص لبني إسرائيل دون غيره لأنه هو الذي يحقق هذا الغرض، خصوصا إذا