الواحدة في القرآن الكريم:
الأول: ان التكرار انما يكون بسبب تعدد الغرض الديني الذي يترتب على القصة الواحدة، وقد عرفنا في بحثنا السابق لأغراض القصة (1). أن أهداف القصة متعددة، فقد تجئ القصة في موضع لأداء غرض معين وتأتي في موضع آخر لأداء غرض آخر وهكذا.
الثاني: أن القرآن الكريم اتخذ من القصة أسلوبا لتأكيد بعض المفاهيم الاسلامية لدى الأمة المسلمة، وذلك عن طريق ملاحظة الوقائع الخارجية التي كانت تعيشها الأمة، وربطها بواقع القصة من حيث وحدة الهدف والمضمون.
وهذا الربط بين المفهوم الاسلامي في القصة والواقعة الخارجية المعاشة للمسلمين قد يؤدي إلى فهم خاطئ للمفهوم المراد اعطاؤه للأمة، فيفهم انحصاره في نطاق الواقعة التي عاشتها القصة وظروفها الخاصة، فتأتي القصة الواحدة في القرآن الكريم مكررة من أجل تفادي هذا الحصر والتضييق في المفهوم من أجل تأكيد شموله واتساعه لكل الوقائع والاحداث المتشابهة ليتخذ صفة القانون الأخلاقي أو التأريخي الذي ينطبق على كل الوقائع والاحداث... إضافة إلى فاعليته كمنبه للأمة على علاقة القضية الخارجية التي تواجهها - في عصر النزول أو بعده - بالمفهوم الاسلامي لتستمد منه روحه ومنهجه.
ولعل هذا السبب هو ما يمكن أن نلاحظه في تكرار قصة موسى والفرق بين روحها العامة في القصص المكي وروحها في القصص المدني، فإنها تؤكد في القصص المكي منها العلاقة العامة بين موسى من جانب وفرعون وملئه من جانب آخر، دون أن تذكر أوضاع بني إسرائيل تجاه موسى نفسه، إلا في موردين يذكر فيهما انحراف بني إسرائيل عن العقيدة الإلهية بشكل عام، وهذا بخلاف الروح