الاسلام الحنيف، وقد صرح القرآن الكريم في مواضع مختلفة بهذا التحريف الذي أصاب هذين الكتابين، وذم أهل الكتاب بصورة عامة على قيامهم بهذا التحريف والتزامهم له، فكيف يصح لنا بعد هذا كله ان نعتمد على شئ من هذه التفصيلات في تفسير القرآن الكريم.
ثانيا: ان الصحابة والتابعين حين كانوا يأخذون من أهل الكتاب هذه التفصيلات لم تكن لديهم وسائل الاطلاع على ذات التوراة والإنجيل، وانما كانوا يعتمدون في ذلك على بعض من دخل الاسلام من أهل الكتاب وغيرهم، وقد كان بعض هؤلاء قد تظاهر بالاسلام وهو غير مخلص له، فمن الطبيعي ان يقوم بعملية تشويه للمفاهيم الاسلامية بادخال بعض الاتجاهات الفكرية والأخلاقية فيما يرويه عن التوراة والإنجيل بصورة محرفة، وهذا الشئ وان كان غير وارد في الوقت الحاضر على أساس انتشار العهدين القديم والجديد، ولكنه كان ذا مفعول قوي في تشويه الفكر الاسلامي أيام الصحابة والتابعين.
بل نجد في ثقافة أهل الكتاب معلومات وأفكارا كانوا يتداولونها ويتوارثونها جيلا عن جيل ويحرفونها ويحورونها لأسباب مختلفة، وهي ليست موجودة بالأصل في التوراة والإنجيل، بل هي من الثقافة العامة لهم، ولذا كان يعاتبهم القرآن ويدعوهم - أحيانا - للرجوع إلى ما بأيديهم من التوراة والإنجيل لمعرفة الحقيقة.
وقضية اعتماد بعض الصحابة على الإسرائيليات في التفسير يمكن ان تعتبر بداية المشكلة لعصر التابعين، حيث كان هذا الاتجاه اتجاها رئيسا في عصرهم قامت عليه بعض المدارس التفسيرية وتبنته بعض الأساليب الثقافية كمصدر مهم من مصادر التموين.
فقد ظهرت في هذه المدة من الزمن حركة اتخذت من سرد الحوادث التأريخية