عام وخاص، وتعيين النبي أهل البيت (عليهم السلام) للمرجعية الدينية بعد أن فسره لهم بشكل خاص.
ويحسن بنا - بعد ذلك - أن نرى مسيرة تكون علم التفسير عند المسلمين، في ظل الظروف والمعطيات السياسية والاجتماعية والمواصفات التي كان يتصف بها مجتمع المسلمين في عصر نزول القرآن الكريم وبعده، ومع غض النظر عن التخطيط الذي وضعه الرسول الأعظم.
إن من البديهيات الاسلامية أن القرآن الكريم لم يكن كتابا علميا جاء به الرسول الأعظم من اجل تفسير مجموعة من النظريات العلمية، وانما هو كتاب استهدف منه الاسلام بصورة رئيسة تغيير المجتمع الجاهلي وبناء الأمة الاسلامية على أساس المفاهيم والأفكار الجديدة التي جاء بها الدين الجديد، وهو من أجل تحقيق هذه الغاية، والوصول إلى هذا الهدف الرئيس جاء منجما متفرقا من اجل أن يعالج القضايا في حينها، ويضع الحلول للمشاكل في أوقاتها المناسبة، مراعيا في ذلك كل ما تفرضه عملية التغيير والبناء من تدرج وأناة، وليحقق التغيير في كل الجوانب الاجتماعية والانسانية، منطلقا مع المحتوى الداخلي للفرد المسلم ليشمل البنيات الفوقية للمجتمع.
وعلى هذا الأساس لم يكن شعور المسلمين بشكل عام تجاه المحتوى القرآني ذلك الشعور الذي يجعلهم ينظرون إلى القرآن الكريم كما ينظرون إلى الكتب العلمية التي تحتاج إلى الدرس والتمحيص، وانما هو شعور ساذج بسيط لان القرآن كان يسير معهم في حياتهم الاعتيادية، بما زخرت به من ألوان مختلفة فيعالج أزماتهم الروحية والسياسية، ويتعرض بالنقد للأفكار والمفاهيم الجاهلية، ويناقش أهل الكتاب في انحرافاتهم العقيدية والاجتماعية، ويضع الحلول الآنية للمشاكل التي تعتريهم، ويربط بين كل من هذه الأمور بعرض مفاهيم الدين الجديد عن الكون والمجتمع والأخلاق.