ثم يضيف سبحانه: أفبهذا الحديث أنتم مدهنون هل أنتم بهذا القرآن وبتلك الأوصاف المتقدمة تتساهلون، بل تنكرونه وتستصغرونه في حين تشاهدون الأدلة الصادقة والحقة بوضوح، وينبغي لكم التسليم والقبول بكلام الله سبحانه بكل جدية، والتعامل مع هذا الأمر كحقيقة لا مجال للشك فيها.
عبارة " هذا الحديث " في الآية الكريمة إشارة للقرآن الكريم، و " مدهنون " في الأصل من مادة (دهن) بالمعنى المتعارف عليه، ولأن الدهن يستعمل للبشرة وأمور أخرى، فإن كلمة (أدهان) جاءت بمعنى المداراة والمرونة، وفي بعض الأحيان بمعنى الضعف وعدم التعامل بجدية... ولأن المنافقين والكاذبين غالبا ما يتصفون بالمداراة والمصانعة، لذا استعمل هذا المصطلح أحيانا بمعنى التكذيب والإنكار، ويحتمل أن يكون المعنيان مقصودان في الآية.
والأصل في الإنسان أن يتعامل بجدية مع الشئ الذي يؤمن به، وإذا لم يتعامل معه بجدية فهذا دليل على ضعف إيمانه به أو عدم تصديقه.
وفي آخر آية - مورد البحث - يقول سبحانه إنكم بدلا من أن تشكروا الله تعالى على نعمه ورزقه وخاصة نعمة القرآن الكبيرة، فإنكم تكذبون به: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (1).
قال البعض: إن المقصود أن استفادتكم من القرآن هي تكذيبكم فقط، أو أن التكذيب تجعلونه وسيلة لرزقكم ومعاشكم (2).
إلا أن التفسير الأول مناسب للآيات السابقة ولسبب النزول أكثر من التفسيرين الأخيرين.
وانسجاما مع هذا الرأي فقد نقل كثير من المفسرين عن ابن عباس قوله: