بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ولا تستطيعون عمل شئ من أجله (1).
والمخاطبون هنا هم أقارب المحتضر الذين ينظرون إلى حالته في ساعة الاحتضار من جهة، ويلاحظون ضعفه وعجزه من جهة ثانية، وتتجلى لهم قدرة الله تعالى على كل شئ، حيث أن الموت والحياة بيده، وأنهم - أي أقاربه - سيلاقون نفس المصير (2).
ثم يضيف سبحانه ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون.
نعم، نحن الذين نعلم بصورة جيدة ما الذي يجول في خواطر المحتضر؟ وما هي الإزعاجات التي تعتريه؟ نحن الذين أصدرنا أمرنا بقبض روحه في وقت معين، إنكم تلاحظون ظاهر حاله فقط، ولا تعلمون كيفية انتقال روحه من هذه الدار إلى الدار الآخرة، وطبيعة المخاضات الصعبة التي يعيشها في هذه اللحظة.
وبناء على هذا فالمقصود من الآية هو: قرب الله عز وجل من الشخص المحتضر، بالرغم من أن البعض إحتمل المقصود بالقرب (ملائكة قبض الروح) إلا أن التفسير الأول منسجم مع ظاهر الآية أكثر.
وعلى كل حال فإن الله سبحانه ليس في هذه اللحظات أقرب إلينا من كل أحد، بل هو في كل وقت كذلك، بل هو أقرب إلينا حتى من أنفسنا، بالرغم من أننا بعيدون عنه نتيجة غفلتنا وعدم وعينا، ولكن هذا المعنى في لحظة الاحتضار يتجلى أكثر من أي وقت آخر.
ثم للتأكيد الأشد في توضيح هذه الحقيقة يضيف تعالى: فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين.