لم تدرك هذه الحقيقة بصورة كاملة، وهذه بحد ذاتها تعتبر إعجازا علميا للقرآن الكريم، حيث في الوقت الذي كانت تعتبر النجوم عبارة عن مسامير فضائية رصعت السماء بها فان مثل هذا البيان القرآني الرائع في ظل ظروف وأوضاع يخيم عليها الجهل، محال أن يصدر من بشر عادي.
وتوضح الآية اللاحقة ما هو المقصود من ذكر هذا القسم؟ حيث يقول سبحانه: إنه لقرآن كريم.
وبهذه الصورة فإنه يرد على المشركين المعاندين الذين يصرون باستمرار على أن هذه الآيات المباركة هي نوع من التكهن - والعياذ بالله - أو أنه حديث جنوني أو شعر، أو أنه من قبل الشيطان.. فيرد عليهم سبحانه بأنه وحي سماوي وحديث بين وعظمته وأصالته لا غبار عليها، ومحتواه يعبر عن مبدأ نزوله، وأن هذا الموضوع واضح بحيث لا يحتاج لبيان المزيد.
إن وصف القرآن ب " الكريم " (بما أن الكرم بالنسبة لله هو: الإحسان والإنعام، ويستعمل للبشر بمعنى اتصاف الشخص بالأخلاق والإحسان، وبصورة عامة فهو إشارة إلى المحاسن العظيمة) (1) إشارة للجمال الظاهري للقرآن من حيث الفصاحة وبلاغة الألفاظ والجمل، وكذلك فإنها إشارة لمحتواه الرائع، لأنه نزل من قبل مبدأ ومنشأ كله كمال وجمال ولطف.
نعم، إن القرآن كريم وقائله كريم ومن جاء به كذلك، وأهدافه كريمة أيضا.
ثم يستعرض الوصف الثاني لهذا الكتاب السماوي العظيم حيث يقول تعالى:
في كتاب مكنون.
إنه في " لوح محفوظ " في علم الله، محفوظ من كل خطأ وتغيير وتبديل، وطبيعي أن الكتاب الذي يستلهم مفاهيمه وأفكاره من المبدأ الأعلى وأصله عند