ومع أن القرآن الكريم لم يبين من هم الأشخاص الذين راودوا (الملائكة) ضيوف النبي الكريم لوط (عليه السلام)، إلا أن من الواضح أنه لم يكن جميع القوم، بل أوباشهم الأكثر وقاحة وإجراما الذين تسابقوا للقيام بهذا الجرم المشين، ولذا فإن العذاب الذي لحقهم في طمس عيونهم يفترض أن يكون عبرة للآخرين من قومهم. وللأسف الشديد لم يكن هنالك من يتعظ ويعتبر بهذا الدرس الإلهي البليغ، والذي كان مقدمة للعذاب الإلهي المحتوم عليهم جميعا.
ويقال: أن سبب تأخير العذاب على قوم لوط إلى الصبح، هو أن هذه الحادثة كانت قد وقعت قبل يوم، لذا فقد أعطي لهؤلاء المعاندين مهلة ليلة أخرى عسى أن يفكروا في مصيرهم قبل نزول البلاء عليهم، ويعتبروا بهذه الثلة السيئة الحظ ممن فقدوا بصرهم.
وتذكر الرواية أن الجناة الذين فقدوا بصرهم لم يتعظوا أيضا بما أصابهم، فقد توعدوا آل لوط أن لا يبقوا منهم أحدا، وذلك في طريق عودتهم إلى بيوتهم وهم يتلمسون الجدران ليهتدوا بواسطتها إلى أهليهم (1).
وجاءت الساعة المرتقبة حيث أمر الله بفنائهم وقلبت الزلزلة مدينتهم رأسا على عقب وصب عليهم العذاب صبا مع أول خيط من أشعة فجر ذلك اليوم، فتتمزق أجسادهم وتتلاشى أبدانهم وتدمر بيوتهم وتندثر قصورهم وتتحول إلى أنقاض وخرائب، وإذا بالمطر الحجري ينهمل عليهم ويطمس كل معالم الحياة لديهم حتى لم يبق أي أثر لهم.
وذلك ما تشير له الآية الكريمة حيث تعكس هذا المعنى باختصار وتركيز ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر.
نعم، وفي لحظات قصار انتهى كل شئ ولم يبق لهم أثر!!