كلمة (بكرة) تعني (أول اليوم) لأن (صبحهم) واسع المعنى ويشمل كل الصباح، في الوقت الذي يقصد في الصباح هنا (أوله).
وهل كان وقت العذاب الإلهي بداية طلوع الفجر، أو أنه حصل في بداية طلوع الشمس؟ إن هذا الأمر لم يعرف بالضبط ولكن تعبير (بكرة) يتناسب أكثر مع بداية طلوع الشمس.
كلمة (مستقر) تعني الثبوت والإحكام، أي بمعنى (ثابت الحكم) ويحتمل أن يكون المراد به هنا هو: أن العذاب الإلهي كان شديدا إلى حد أن أي قوة لم تكن قادرة على مواجهته.
ويقال أن العذاب الدنيوي لهؤلاء القوم متصل مع عذاب البرزخ، لذا اطلق عليه أنه (مستقر).
ثم يضيف سبحانه مؤكدا ومكررا مرة أخرى قوله: فذوقوا عذابي ونذر.
لكي لا يكون مجال للشك والتردد في إنذار الأنبياء لكم بعد هذا، ورغم أن هذه الجملة ذكرت مرتين في القصة: فذوقوا عذابي ونذر إلا أنه من الواضح هنا أن الجملة الأولى تشير إلى العذاب الذي حل بالمجموعة التي اقتحمت بيت لوط (عليه السلام) وما نتج من إصابتهم بالعمى مقدمة للعذاب العام، والثانية إشارة إلى العذاب الذي نزل بقوم لوط أجمع من الزلازل والدمار ومطر الحجارة.
وفي نهاية المطاف وفي آخر آية من بحثنا هذا تتكرر جمل الموعظة والعبرة وللمرة الرابعة في هذه السورة بقوله تعالى: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر.
نعم، لم يتعظ قوم لوط من النذر، ولم يتعظوا من العذاب الأول الذي أعمى أبصار البعض منهم والذي كان بمثابة إنذار لهم فهل أن الآخرين الذين يرتكبون نفس الذنوب يتعظون لدى سماع آيات القرآن هذه وينوبوا إلى رشدهم ويندموا على ما فرط منهم؟!..
* * *