وترفعها إلى السماء بأمر من الله تعالى لتسقط مرة أخرى على مدنهم بعد أن أصابها الزلزال العظيم، فتطمس معالمها المدمرة، وتمحو آثار خرائبها من على وجه الأرض، وتدفن أجسادهم وتنهي كل أثر لهم، كي يكونوا إلى الأبد عبرة وعظة للآخرين (1).
والذي يفهم من الآية السابقة أن نجاة آل لوط كان في وقت السحر، والسبب في ذلك أن الوعد بالانتقام الإلهي من قوم لوط كان وقت الصبح، لذلك - بأمر من الله - قد نجت هذه العائلة المؤمنة بخروجها من المدينة آخر الليل - باستثناء زوجته التي تنكبت وأعرضت عن دعوته - حيث لم يمض وقت طويل حتى نزل العذاب عليهم زلزالا وعاصفة عاتية تمطرهم بالحصى والحجارة، كما يتحدث القرآن الكريم عن هذا المشهد المثير في سورة هود ويقول: فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب. (2) ومن هنا يتضح عدم تناسب أقوال المفسرين الذين اتبعوا أقوال أئمة اللغة وذلك باعتبارهم " السحر " ما بين الطلوعين في الآية أعلاه (3).
ويضيف البارئ عز وجل بقوله: نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر (4).
إن لوطا (عليه السلام) قد أتم الحجة على قومه قبل أن ينزل البلاء عليهم، حيث يوضح الله سبحانه هذه الحقيقة فيقول تعالى: ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر.
(بطش) على وزن (فرش) وتعني في الأصل أخذ الشئ بالقوة، ولأن المجرم لا يؤخذ إلا بالقوة ليلقي جزاءه، لذلك فإنها تعني المجازاة.