صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر.
" الصيحة " هنا تعني الصوت العظيم الذي يأتي من السماء، ويحتمل أن يكون إشارة للصاعقة المخيفة التي ضربت قريتهم، حيث يقول سبحانه: فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود. (1) (الهشيم) من مادة (هشم) على وزن " حسم " وفي الأصل بمعنى انكسار الأشياء الضعيفة كالنباتات، وتطلق عادة على النباتات اليابسة المتكسرة التي يهيؤها الرعاة لمواشيهم بعد سحقها، كما تطلق أحيانا على النباتات اليابسة المسحوقة بأرجل الحيوانات في الحضيرة.
(محتظر) في الأصل من مادة (حظر) على وزن (حفز) بمعنى المنع، ولذلك فإن إعداد الحظائر للحيوانات والمواشي تكون مانعة لها من الخروج ولدرء المخاطر عنها، ومفردها (الحظيرة)، و " محتظر " على وزن محتسب - هو الشخص الذي يملك مثل هذا المكان.
والاستعراض الذي ذكرته الآية الكريمة حول عذاب قوم ثمود عجيب جدا ومعبر للغاية، حيث لم يرسل الله لهم جيوشا من السماء أو الأرض للتنكيل بهم، وإنما كان عذابهم بالصيحة السماوية العظيمة، فكانت صاعقة رهيبة، أخمدت الأنفاس، وكان انفجارا هائلا حطم كل شئ في قريتهم، فأصبحت بيوتهم وقصورهم كحظيرة المواشي، وأجسادهم المحطمة كالنبات اليابس المرضوض المهشم.
إن استيعاب هذا اللون من العذاب كان صعبا وعسيرا للأقوام السالفة، ولكنه يسير بالنسبة لنا، وذلك من خلال معرفتنا لتأثير الأمواج الناتجة من الانفجارات، حيث أنها تحطم كل شئ يقع ضمن دائرة إشعاعاتها.