وأقوى من كيدهم: أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون (1).
والآية الآنفة يطابق تفسيرها تفسير الآية (54) من سورة آل عمران التي تقول: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.
واحتمل جماعة من المفسرين أن المراد من الآية محل البحث هو: " ان مؤامراتهم ستعود عليهم أخيرا وتكون وبالا عليهم.. " وهذا المعنى يشبه ما ورد في الآية (43) من سورة فاطر: ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله.
والجمع بين التفسيرين الآنفين ممكن ولا مانع منه.
ويمكن أن يكون لهذه الآية ارتباط آخر بالآية المتقدمة، وهو أن أعداء الإسلام كانوا يقولون: ننتظر موت محمد. فالقرآن يردهم بالقول بأنهم ليسوا خارجين عن واحد من الأمرين التاليين.. أما أنهم يدعون بأن محمدا يموت قبل موتهم حتف أنفه. فلازم هذا الادعاء أنهم يعلمون الغيب، وأما أن مرادهم أنه سيمضي بمؤامراتهم فالله أشد مكرا ويرد كيدهم إليهم، فهم المكيدون!
وإذا كانوا يتصورون أن في اجتماعهم في دار الندوة ورشق النبي بالتهم كالكهانة والجنون والشعر أنهم سينتصرون على النبي فهم في منتهى العمى والحمق، لأن قدرة الله فوق كل قدرة، وقد ضمن لنبيه السلامة والنجاة حتى يبلغ دعوته العالمية.
وأخيرا فإن آخر ما يثيره القرآن من أسئلة في هذا الصدد قوله: أم لهم إله غير الله؟! ويضيف - منزها - سبحان الله عما يشركون.
فعلى هذا لا أحد يستطيع أن يمنعهم من الله ويحميهم، وهكذا فإن القرآن يستدرجهم ويضعهم أمام استجواب عجيب وأسئلة متصلة تؤلف سلسلة متكاملة مؤلفة من أحد عشر سؤالا! ويقهقرهم مرحلة بعد مرحلة إلى الوراء!! ويضطرهم