الاستدلال في أحد عشر سؤالا متتابعا (بصورة الاستفهام الإنكاري)، وبتعبير أجلى: إن هذه الآيات تسد جميع الطرق بوجه المخالفين فلا تدع لهم مهربا في عبارات موجزة ومؤثرة جدا بحيث ينحني الإنسان لها من دون اختياره إعظاما ويعترف ويقر بانسجامها وعظمتها. فأول ما تبدأ به هو موضوع الخلق فتقول: أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون (1).
وهذه العبارة الموجزة والمقتضبة في الحقيقة هي إشارة إلى " برهان العلية " المعروف الوارد في الفلسفة وعلم الكلام لإثبات وجود الله، وهو أن العالم الذي نعيش فيه مما لا شك - فيه - حادث (لأنه في تغيير دائم، وكل ما هو متغير فهو في معرض الحوادث، وكل ما هو في معرض الحوادث محال أن يكون قديما وأزليا).
والآن ينقدح هذا السؤال، وهو إذا كان العالم حادثا فلا يخرج عن الحالات الخمس التالية:
1 - وجد من دون علة!
2 - هو نفسه علة لنفسه.
3 - معلولات العالم علة لوجوده.
4 - إن هذا العالم معلول لعلة أخرى وهي معلولة لعلة أخرى إلى ما لا نهاية.
5 - إن هذا العالم مخلوق لواجب الوجود الذي يكون وجوده ذاتيا له.
وبطلان الاحتمالات الأربع المتقدمة واضح، لأن وجود المعلول من دون علة محال، وإلا فينبغي أن يكون كل شئ موجودا في أي ظرف كان، والأمر ليس كذلك!
والاحتمال الثاني وهو أن يوجد الشئ من نفسه محال أيضا، لأن مفهومه أن