هؤلاء المشركين معاندون إلى درجة إنكارهم الحقائق الحسية وتفسيرهم الحجارة الساقطة من السماء بالسحاب، مع أن كل من رأى السحاب حين ينزل ويقترب من الأرض لم يجده سوى بخار لطيف، فكيف يتراكم هذا البخار اللطيف ويتبدل حجرا!؟
وهكذا يتضح حال هؤلاء الأشخاص إزاء الحقائق المعنوية!! أجل ان ظلمة الإثم وعبادة الهوى والعناد كل ذلك يحجب أفق الفكر السليم فيجعله متجهما حتى تنجر عاقبة أمره إلى إنكار المحسوسات وبذلك ينعدم الأمل في هدايته.
و " المركوم " معناه المتراكم، أي ما يكون بعضه فوق بعض!
لذلك فإن الآية التالية تضيف بالقول: فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون.
وكلمة " يصعقون " مأخوذة من صعق، والإصعاق هو الإهلال، وأصله مشتق من الصاعقة، وحين أن الصاعقة تهلك من تقع عليه فإن هذه الكلمة استعملت بمعنى الإهلاك أيضا.
وقال بعض المفسرين أن هذه الجملة تعني الموت العام والشامل الذي يقع آخر هذه الدنيا مقدمة للقيامة.
إلا أن هذا التفسير يبدو بعيدا، لأنهم لا يبقون إلى ذلك الزمان بل الظاهر هو المعنى الأول، أي دعهم إلى يوم موتهم الذي يكون بداية لمجازاتهم والعقاب الأخروي!
ويتبين مما قلنا أن جملة " ذرهم " أمر يفيد التهديد، والمراد منه أن الإصرار على تبليغ مثل هؤلاء الأفراد لا يجدي نفعا إذ لا يهتدون.
فبناء على ذلك لا ينافي هذا الحكم إدامة التبليغ على المستوى العام من قبل