وستون صنما فجعل يطعنها بعود في يديه ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا - جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " (1).
سؤال:
يثار هنا سؤال وهو أن الآية أعلاه تقول: إنه بظهور الحق، يمحق الباطل، ويفقد كل خلاقيته، والحال أننا نرى أن الباطل له جولات وصيت إلى الآن، ويسيطر على مناطق كثيرة؟
وللإجابة على هذا السؤال، يجب الالتفات إلى ما يلي:
أولا: إنه بظهور الحق وإشراقه. فإن الباطل - والذي هو الشرك والنفاق والكفر وكل ما ينبع عنها - يفقد بريقه، وإذا استمر وجوده فبالقوة والظلم والضغط، وإلا فإن النقاب قد أزيل عن وجهه، وظهرت صورته القبيحة لمن يطلب الحق، وهذا هو المقصود من مجئ الحق ومحو الباطل.
ثانيا: لأجل تحقق حكومة الحق وزوال حكومة الباطل في العالم، فإضافة إلى الإمكانيات التي يضعها الله في خدمة عباده، هناك شرائط أخرى مرتبطة بالعباد أنفسهم، والتي أهمها " القيام بترتيب المقدمات للاستفادة من تلك الإمكانات الإلهية ". وبتعبير آخر، فإن انتصار الحق على الباطل ليس فقط في المناحي العقائدية والمنطقية وفي الأهداف، بل في المناحي الإجرائية على أساسين، " فاعلية الفاعل " و " قابلية القابل " وإذا لم يصل الحق إلى النصر على الباطل في المرحلة العملية نتيجة عدم تحقق (القابلية) فليس ذلك دليلا على عدم انتصاره.
ولنضرب لذلك مثلا قرآنيا، فالآية الكريمة تقول: ادعوني أستجب (2)، ولكن المعلوم لدينا بأن استجابة الدعاء ليست بدون قيد أو شرط، فإن تحققت