" الخردل ": نبات له حبات سوداء صغيرة جدا يضرب المثل بصغرها، وهذا التعبير إشارة إلى أن أعمال الخير والشر مهما كانت صغيرة لا قيمة لها، ومهما كانت خفية كخردلة في بطن صخرة في أعماق الأرض، أو في زاوية من السماء، فإن الله اللطيف الخبير المطلع على كل الموجودات، صغيرها وكبيرها في جميع أنحاء العالم، سيحضرها للحساب والعقاب والثواب، ولا يضيع شئ في هذا الحساب.
والضمير في " إنها " يعود إلى الحسنات والسيئات، والإحسان والإساءة (1).
إن الالتفات والتوجه إلى هذا الاطلاع التام من قبل الخالق سبحانه على أعمال الإنسان وعلمه بها، وبقاء كل الحسنات والسيئات محفوظة في كتاب علم الله، وعدم ضياع وتلف شئ في عالم الوجود هذا، هو أساس كل الإصلاحات الفردية والاجتماعية، وهو قوة وطاقة محركة نحو الخيرات، وسد منيع من الشرور والسيئات. وذكر السماوات والأرض بعد بيان الصخرة، هو في الواقع من قبيل ذكر العام بعد الخاص.
وفي حديث روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): " اتقوا المحقرات من الذنوب، فإن لها طالبا، يقول أحدكم: أذنب وأستغفر، إن الله عز وجل يقول: سنكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين. وقال عز وجل: إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير (2).
وبعد تحكيم أسس المبدأ والمعاد، والتي هي أساس كل الاعتقادات الدينية، تطرق لقمان إلى أهم الأعمال، أي مسألة الصلاة، فقال: يا بني أقم الصلاة لأن الصلاة أهم علاقة وارتباط مع الخالق، والصلاة تنور قلبك، وتصفي روحك، وتضئ حياتك، وتطهر روحك من آثار الذنب، وتقذف نور الإيمان في أنحاء