والتعبير ب (أعد) دليل على تأكيد هذا العذاب وشدته.
وتتحدث الآية الأخيرة عن إيذاء المؤمنين، وتهتم به جدا بعد إيذاء الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، فتقول: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا لأن للمؤمن علاقة بالله ورسوله عن طريق الإيمان، ولهذا جعل في مرتبة الله ورسوله هنا.
وتعبير بغير ما اكتسبوا إشارة إلى أن هؤلاء لم يرتكبوا ذنبا حتى يؤذوا، ومن هنا يتضح أنهم إن بدر منهم ذنب يستوجب الحد والقصاص فلا مانع من إجرائه وتنفيذه في حقهم، وكذلك لا يشمل هذا الكلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن تقديم " البهتان " على " الإثم المبين " لأهميته، لأن البهتان يعتبر من أكبر الذنوب، والجراحات التي تنجم عنه أشد ألما من جراحات السنان، كما قال الشاعر العربي:
جراحات السنان لها التيام * ولا يلتام ما جرح اللسان وقد أولت الروايات الإسلامية هذه المسألة اهتماما فائقا، ففي حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): " إن الله عز وجل يقول: " ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن " (1).
وقال بعض المفسرين: يستفاد من أسلوب الآية أن جماعة في المدينة كانوا يطلقون الشائعات ويثيرون الشبهات حول المؤمنين، ويتهمونهم بما ليس فيهم، وحتى نبي الله لم يكن بمنأى عن ألسن أولئك المؤذين. وهذه الفئة ليست قليلة في المجتمعات الأخرى، وخاصة في مجتمعات اليوم، وليس لها عمل إلا التآمر ضد الصالحين والمحسنين، واختلاق الأكاذيب والتهم.