الحديث ليضل عن سبيل الله " (1).
والتعبير ب لهو الحديث بدلا من (حديث اللهو) ربما كان إشارة إلى أن الهدف الأساس لهؤلاء هو اللهو والعبث، والكلام والحديث وسيلة للوصول إليه.
ولجملة ليضل عن سبيل الله مفهوم واسع أيضا، يشمل الإضلال العقائدي، كما قرأنا ذلك في قصة النضر بن الحارث وأبي جهل، وكذلك يشمل الإفساد الأخلاقي كما جاء في أحاديث الغناء.
والتعبير ب بغير علم إشارة إلى أن هذه الجماعة الضالة المنحرفة لا تؤمن حتى بمذهبها الباطل، بل يتبعون الجهل والتقليد الأعمى لا غير، فإنهم جهلاء يورطون ويشغلون الآخرين بجهلهم.
هذا إذا اعتبرنا بغير علم وصفا للمضلين، إلا أن بعض المفسرين اعتبر هذا التعبير وصفا للضالين، أي أنهم يجرون الناس الجهلة إلى وادي الانحراف والباطل دون أن يعلموا بذلك لجهلهم.
إن هؤلاء المغفلين قد يتمادون في غيهم فلا يقنعون بلهو هذه المسائل، بل إنهم يجعلون كلامهم الأجوف ولهو حديثهم وسيلة للإستهزاء بآيات الله، وهذا هو الذي أشارت إليه نهاية الآية حيث تقول: ويتخذها هزوا.
أما وصف العذاب ب (المهين) فلأن العقوبة متناغمة مع الذنب، فإن هؤلاء قد استهزؤوا بآيات الله وأهانوها، ولذلك فإن الله سبحانه قد أعد لهم عذابا مهينا، إضافة إلى كونه أليما.
وأشارت الآية التالية إلى رد فعل هذه الفئة أمام آيات الله، وتوحي بالمقارنة برد فعلهم تجاه لهو الحديث، فتقول: وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في اذنيه وقرا أي ثقلا يمنعه من السماع..