بدنه، وكذلك المراحل التي طواها آدم بعد خلقه من التراب حتى نفخ الروح (1).
والتعبير ب " النفخ " كناية عن حلول الروح في بدن الإنسان، فكأنه شبه الحال بالهواء والتنفس، بالرغم من أنه لا هذا ولا ذاك.
فإن قيل: إن نطفة الإنسان منذ استقرارها في الرحم - بل وقبل ذلك - كانت كائنا حيا وعلى هذا فأي معنى لنفخ الروح؟
قلنا في الجواب: إن النطفة عندما تنعقد في البداية ليس لها إلا نوعا من " الحياة النباتية "، أي التغذية والنمو فقط، أما الحس والحركة التي هي علامة " الحياة الحيوانية "، وكذلك قوة الإدراكات التي هي علامة الحياة الإنسانية، فلا أثر عن كل ذلك.
إن تكامل النطفة في الرحم تصل إلى مرحلة تبدأ عندها بالحركة، وتحيا وتنبعث فيها القوى الإنسانية الأخرى تدريجيا، وهذه هي المرحلة التي يعبر عنها القرآن بنفخ الروح.
أما إضافة " الروح " إلى " الله " فهي " إضافة تشريفية "، أي إن روحا ثمينة وشريفة بحيث أن من المناسب أن تسمى " روح الله " قد دبت في الإنسان ونفخت فيه، وهذا يبين حقيقة أن الإنسان وإن كان من ناحية البعد المادي يتكون من الطين والماء، إلا أنه من البعد المعنوي والروحي يحمل " روح الله ".
إن أحد طرفي وجوده ينتهي إلى التراب، وطرفه الآخر يتصل بعرش الله، فإنه خليط من الملائكة والحيوان، ولوجود هذين البعدين فإن منحني صعوده ونزوله، وتكامله وانحطاطه واسع جدا (2).