" الريع " في الأصل يطلق على المكان المرتفع، أما كلمة (تعبثون) فمأخوذ من " العبث "، ومعناه العمل بلا هدف صحيح، ومع ملاحظة كلمة (آية) التي تدل على العلامة يتضح معنى العبارة بجلاء... وهو أن هؤلاء القوم المثرين، كانوا يبنون على قمم الجبال والمرتفعات الأخر مباني عالية للظهور والتفاخر على الآخرين، وهذه المباني [كالأبراج وما شاكلها] لم يكن من روائها أي هدف سوى لفت أنظار الآخرين، وإظهار قدرتهم وقوتهم - من خلالها -!!
وما قاله بعض المفسرين من أن المراد من هذا التعبير هو المباني والمنازل التي كانت تبنى على المرتفعات، وكانت مركزا للهو واللعب، كما هو جار في عصرنا بين الطغاة... فيبدو بعيدا، لأن هذا التعبير لا ينسجم مع كلمتي (الآية) و (العبث).
كما أن هناك احتمال ثالث ذكره بعض المفسرين، وهو أن عادا كانت تبني هذه البنايات للاشراف على الشوارع العامة، ليستهزئوا منها بالمارة، إلا أن التفسير الأول يبدو أكثر صحة من سواه...
وأما الأمر الثالث الذي ذكره القرآن حاكيا على لسان هود منتقدا به قومه، فهو قوله: وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون.
" المصانع " جمع " مصنع " ومعناه المكان أو البناء المجلل المحكم، والنبي هود لا يعترض عليهم لأن لديهم هذه البنايات المريحة الملائمة، بل يريد أن يقول لهم: إنكم غارقون في أمواج الدنيا، ومنهمكون بعبادة الزينة والجمال والعمل في القصور حتى نسيتم الدار الآخرة!... فلم تتخذوا الدنيا على أنها دار ممر، بل اتخذتموها دار مقر دائم لكم...
أجل، إن مثل هذه المباني التي تذهل أهلها، وتجعلهم غافلين عن اليوم الآخر، هي لا شك مذمومة!
وفي بعض الروايات عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج فرأى قبة