وفسقت، أخذ فيهم بالقصاص ويجوز معه العفو.
وأما ما ذكروه من حديث الرحمة والرأفة بالانسانية فما كل رأفة بمحمودة ولا كل رحمة فضيلة، فاستعمال الرحمة في مورد الجاني القسي والعاصي المتخلف المتمرد والمتعدي على النفس والعرض جفاء على صالح الافراد، وفي استعمالها المطلق اختلال النظام وهلاك الانسانية وإبطال الفضيلة.
وأما ما ذكروه أنه من القسوة وحب الانتقام فالقول فيه كسابقة، فالانتقام للمظلوم من ظالمه استظهارا للعدل والحق ليس بمذموم قبيح، ولا حب العدل من رذائل الصفات، على أن تشريع القصاص بالقتل غير ممحض في الانتقام بل فيه ملاك التربية العامة وسد باب الفساد.
وأما ما ذكروه من كون جناية القتل من الأمراض العقلية التي يجب أن يعالج في المستشفيات فهو من الاعذار (ونعم العذر) الموجبة لشيوع القتل والفحشاء ونماء الجناية في الجامعة الانسانية وأي إنسان منا يحب القتل والفساد علم أن ذلك فيه مرض عقلي وعذر مسموع يجب على الحكومة أن يعالجه بعناية ورأفة وأن القوة الحاكمة والتنفيذية تعتقد فيه ذلك لم يقدم معه كل يوم على قتل.
وأما ما ذكروه من لزوم الاستفادة من وجود المجرمين بمثل الأعمال الاجبارية، ونحوها مع حبسهم ومنعهم عن الورود في الاجتماع فلو كان حقا متكئا على حقيقة فما بالهم لا يقضون بمثله في موارد الاعدام القانوني التي توجد في جميع القوانين الدائرة اليوم بين الأمم؟ وليس ذلك إلا للأهمية التي يرونها للاعدام في موارده، وقد مر أن الفرد والمجتمع في نظر الطبيعة من حيث الأهمية متساويان.
كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين - 180. فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم - 181.